ليست المرة الأولى التي تستثنى فيها «غير اللبنانيات» من الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي التي تطلقها وزارة الصحة اللبنانية في تشرين الأول من كل عام. منذ 2009، تاريخ إطلاق أول حملة من نوعها للتوعية والكشف عن سرطان الثدي كانت الحملات المتعاقبة تقدّم الفحص المجاني للبنانيات فقط في المستشفيات الحكومية، وبتخفيض للكلفة «لجميع النساء» في المستشفيات الخاصة لتصل إلى نحو أربعين ألف ليرة لبنانية.

هذا العام، اتخذ «الاستثناء» صداه في أوساط النساء الفلسطينيات بشكل خاص، بسبب أزمة التمويل التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التي من «مسؤوليتها الاهتمام بالوضع الصحي للاجئين الفلسطنيين وطبابتهم» كما تؤكد مستشارة التواصل في الوكالة هدى السمرا لـ«الأخبار». وتوضح «في السنوات السابقة كنا ننظم حملات مماثلة بالتعاون مع منظمات غير حكومية، ونحن لا نحمّل وزارة الصحة المسؤولية تجاه الفلسطينيين، ولا نتهرّب من مسؤوليتنا، لكن الوضع المالي لمنظمتنا لم يعد يسمح بتنظيم حملات مكلفة مماثلة». تقشّف «الأونروا» سمح بالإضاءة على تقشّف الدولة في مالها العام «المخصّص لمواطنيها» وانعكاساته اللاحقة بالفلسطينيات خلال شهر التوعية حول سرطان الثدي ومعهنّ اللاجئات السوريات والعراقيات وغيرهنّ. وأشارت السمرا إلى أن «الأونروا تسعى حالياً إلى البحث في سبل التعاون مع منظمات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف أو منظمات غير حكومية، ونسعى حالياً إلى التشبيك معها لمحاولة استلحاق الحملة التي لا تحصر في هذا الشهر».
إزاء هذا الوضع، ظهرت المبادرات الفرديّة كحلّ مؤقّت وبديل. فقد أعلنت الدكتورة جمال القرى «عن استقبالها للاجئات الفلسطينيات لإجراء الفحص الطبي بكشل مجاني». ولقيت المبادرة أصداء إيجابية إذ «تمكنت عبر التواصل مع أصدقاء وأطباء ومراكز من تأمين باقي الصور بشكل مجاني» توضح القرى، مضيفةً «عمدتُ إلى أن تكون المبادرة بالتواصل المباشر مع المرأة الفلسطينية من دون أي وسيط، حيث يمكنها المجيء إلى عيادتي لإجراء الفحص الطبي بشكل مجاني وبعدها أحوّلها إلى أحد المراكز التي تواصلنا معها لتجري الصورة الشعاعيّة للثدي، وكذلك إن احتاجت لصور إضافية بحسب الحالة مثل الصورة بالموجات ما فوق الصوتية». وتشرح «أن أحد الأطباء تبرّع بقراءة الصور الشعاعية مجاناً كما تبرّع طبيب آخر بإجراء العمليات الجراحية في الحالات التي تتطلب الجراحة، وهكذا سنتمكّن بعد حصولنا على مساعدات من الأصدقاء والأطباء من جمع المبالغ التي سندفعها في نهاية الحملة للمراكز المتعاونة بكلفة تراوح بين 20 و25 ألف ليرة للصورة، من دون أي كلفة على المريضة الفلسطينية». استطاعت القرى عبر تعاملها مع المخيمات الفلسطينيّة ولا سيما مخيم برج البراجنة ولجان المرأة فيه من إطلاق مبادرتها، «علّ الجمعيات المموّلة تفكّر في كيفية المساعدة» كما تقول. بدورها انضمت جمعية «سوا للتنمية» إلى المبادرة لتغطية مناطق أوسع وعدد أكبر من المخيمات الفلسطينيّة، فيما علمت «الأخبار» أن جمعيات أهليّة أخرى تحضّر لإطلاق حملات مماثلة للنازحات السوريّات.