عندما فاضت مياه بحيرة القرعون، الشهر الماضي، مع بلوغ منسوبها أعلى مستوياته، ضجّت مواقع التواصل بالاحتجاج على «نقل» التلوث من الحوض الأعلى للنهر الى حوضه الأدنى. لكنّ مسحاً أنجزته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني للواقع البيئي والسكاني والتنموي لمنطقة الحوض الأدنى أظهر أنها ليست أقل تلوثاً.
مصانع ومكبات ومرامل
ورغم تركّز المصانع في الحوض الأعلى، لا سيما في البقاع الأوسط وبعلبك – الهرمل، أحصى المسح وجود 239 مؤسسة صناعية في الحوض الأدنى لا تلتزم بالشروط البيئية، أسوأها معاصر الزيتون (88 معصرة) ومناشر الصخر (28 منشراً) ومعامل الباطون وأحجار البناء (22 مجبلاً و26 معمل حجارة). واللافت أن هذه المؤسسات متصلة بشبكات محطات التكرير المنجزة أو تلك التي قيد الإنشاء، رغم أن هذه المحطات غير مهيّأة لمعالجة مياه الصرف الصناعي. وبيّن المسح أن 130 مؤسسة، تنتج حوالى 65 الف متر مكعب يومياً من الصرف الصناعي، معظمه من عصر الزيتون ومناشر الصخر. وفيما يعتبر الصرف الصناعي في الحوض الأدنى أقل خطورة من مصانع الحوض الأعلى، إلا أن المكبات العشوائية تتكفل ببث المخاطر على أنواعها. فقد أحصى المسح حوالى 111 مكباً عشوائياً للنفايات الصلبة (34 أقفلت أخيراً وبقي 77)، تستقبل حوالى 255 طناً يومياً من النفايات التي يتم التخلص منها بالطمر أو الحرق. وبعض هذه المكبات أقيم بجوار مجرى النهر، كما في كفرصير وأرزي وصير الغربية (الجنوب).
وأحصى المسح وجود 13 محفاراً ومقلعاً وكسارة تمتد من جنوب بحيرة القرعون في البقاع الغربي وصولاً إلى الريحان والعيشية مروراً بوادي الخردلي. وهي تعدّ من أبرز مصادر التلوث، لأنها تحمل نحو مجرى النهر المياه الحاملة للرمول والأوساخ، إذ يستهلك عمل المقالع والكسارات والمرامل كميات كبيرة من المياه التي تختلط بكميات كبيرة من بودرة الحجر ومواد كيميائية مختلفة، ما يؤدي إلى تلويث المياه السطحية والجوفية. وقد توقفت محطات ضخ المياه في الجنوب مرات عدة بسبب ترسبات الرمول في محطات المعالجة وشبكات التوزيع، فضلاً عن الضرر الي تلحقه بالمتنزهات والأراضي التي تروى من مشروع ري القاسمية. وسجلت المصلحة، في شباط الماضي، بلوغ مستوى الترسبات في النهر بسبب عمل المرامل، حوالى 60 سنتيمتراً عند جسر التحرير في الزرارية، علماً بأن مجلس الوزراء أصدر عام 2011 مراسيم عدة تنظم شروط الترخيص والاستثمار، منها الحصول على إفادة من وزارة الطاقة والمياه بعدم التسبب بأي تأثير محتمل ومباشر على المياه السطحية والجوفية وخطوط جر الطاقة الكهربائية، وإضافة خريطة تظهر تأهيل الموقع بعد كل سنة، طوال مدة الاستثمار ووضعه النهائي وضمان عدم قطع الأشجار.

مياه الصرف
بحسب المسح، يقدر عدد السكان المقيمين في الحوض الأدنى بـ 302,648 نسمة، في مقابل 171,942 نسمة يقيمون موسمياً خلال العطل. ويبلغ عدد النازحين السوريين المحصين 52,311، إضافة الى 10,903 من المقيمين غير اللبنانيين (معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين). وتقدر نسبة استهلاك الفرد للمياه (المرتبط بكميات الصرف الصحي الناتجة) بحوالى 150 ليتراً يومياً في المدن و130 ليتراً في الريف و80 ليتراً في مخيمات النزوح. وكنتيجة لنسبة الاستهلاك، يسجل الصرف الصحي في الشتاء 40,144 متراً مكعباً، ويرتفع في الصيف إلى 70,193 متراً مكعباً يومياً. وعليه، تبلغ كميات الصرف السنوية حوالى 17,4 مليون متر مكعب من المياه المبتذلة. يوضح المسح، نقلاً عن مجلس الإنماء والإعمار، أن بلدات الحوض الأدنى «تستفيد جزئياً من 8 محطات تكرير فقط (صور، تبنين، حاصبيا، دير ميماس) تتصل بها شبكات 32 بلدة فقط تقع ضمن الحوض، إضافة إلى 3 محطات في يحمر وزوطر وكفر صير تستفيد منها 4 بلدات، لكنها لا تعمل، إما بسبب الإنجاز الجزئي للمحطات أو عدم استكمال الشبكات. وفي حال شغلت المحطات السبع، فإن قدرتها الإستيعابية (حوالى 20 الف متر مكعب يومياً) أقل بكثير من إنتاج البلدات الذي يقدر يومياً بحوالى 70 الفاً. ووفق تقارير المجلس عن المحطات التي يشرف على إدارتها «هناك حوالى 12.7 مليون متر مكعب سنوياً تصرف إلى النهر أو البحر أو الحفر الصحية ومنها تتسرب إلى المياه الجوفية. ومن بين هذه الكميات، هناك نحو مليون متر مكعب تصرف الى نهر الليطاني مباشرة، فضلاً عن 130 الف متر مكعب سنوياً تصرفها تجمعات النازحين السوريين نحو قناة ري القاسمية التي يقيمون في حرمها.

احصاءات عن مصادر التلوث في الحوض الادنى لليطاني‎