بعد 17 يوماً على إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية، قال الطلاب كلمتهم. نزلوا إلى الشارع في تحرك كاد يصبح حلماً بفعل غياب العمل الطلابي لعشرات السنوات. رفعوا الصوت مع أساتذتهم ضد الخطر الذي يتهدد الجامعة الوطنية والتقصير الممنهج بحقها واستسهال اتخاذ تدابير غير مسؤولة تفاقم أزمتها. ليس آخر هذه التدابير اقتطاع 80 مليار ليرة من ميزانية الجامعة على مدى سنتين. ما تشهده الجامعة، بحسب منشور لنادي «نبض الشباب» وُزع في الاعتصام، أبعد من استحقاق الموازنة ومطالب الأساتذة المادية، «فالمسألة تتصل بنظرة الدولة للجامعة الوطنية، وهو ما يتطلب توسيع مروحة المواجهة وإيجاد وسائل ضغط بديلة».
(مروان طحطح)

ليس لغزاً سبب الغضب الآن، كما قالت الطالبة زهرة عوالي، إذ «يستكثرون على طلاب الجامعة الوطنية أن يرغبوا بمختبرات ومراكز أبحاث ومجمعات جامعية لائقة تضم سكناً طلابياً ومطعماً ونادياً رياضياً، وأن يخوضوا انتخابات طلابية ديموقراطية، وأن يحظوا بمناهج تواكب التطور العلمي، وأن يعطى أساتذتهم حقوقهم كاملة للعيش بكرامة والتفرغ الكامل للتعليم والبحث العلمي». وتسأل باستغراب: «أيعقل أن نصرخ لأجل العودة إلى الجامعة؟ أيعقل أن الرجوع إليها بات هاجسنا الأكبر؟». لكنها تقطع الشك باليقين بشأن محاولات دق الإسفين بين الطلاب وأساتذتهم بالقول: «أصحاب السلطة، أنتم ولا أحد سواكم يتحمل مسؤولية إبقائنا خارج الصفوف». اللافت ما يقوله بعض المشاركين لجهة أن أحزاب السلطة لم تقوَ حتى الآن على استيعاب محازبيها واحتواء تحركهم و«تبريد» جبهتهم.
حناجر الطلاب الذين أعلنوا أنهم سيكونون سلاح جامعتهم صدحت بالتضامن مع الأساتذة رفضاً لاستهداف جامعتهم «بهيدي الجامعة كل الناس والعالم فيها أساس، وهون الطالب والأستاذ وحدة وحدة سوية، يا أستاذ مَنّك وحدك والطالب حدك حدك، لنحمي جامعتنا بقبضتنا القوية».
الطلاب رفضوا أن يكون التقشف على حساب جامعتهم «نحنا مندرس بلبنان بالجامعة الوطنية، ولاد الوزرا باليونان من جيوب اللبنانيي، عجز الموازنة ما بينسد من الجامعة اللبنانية، روحوا جيبوا المصاري من جيوب الحرامية».
على وقع هتافات «علم، حرية، عدالة اجتماعية» و«يسقط يسقط حكم المصرف»، «جامعة لبنان فرج الله حنين» (أول شهيد سقط في عام 1951 في سبيل قيام الجامعة اللبنانية)، سار المعتصمون بلا أساتذتهم من ساحة رياض الصلح باتجاه مقر جمعية المصارف، حيث مكثوا لبعض الوقت قبل أن يكملوا مسيرهم باتجاه شارع المصارف ويعودوا إلى ساحة الانطلاق.
ويُعد الطلاب لتظاهرة ثانية ينفذونها، الثانية عشرة والنصف ظهر الاثنين المقبل أمام وزارة التربية.
هذه «الخميرة» من الطلاب المستقلين، كما سماها الأستاذ في كلية التربية خالد حدادة، تحتاج إلى دعم لتقود معركة الجامعة بعنوانين اثنين لا ثالث لهما: استقلالية الجامعة التي تنضوي فيها كل المطالب، وإحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية.
برأي الأستاذ في معهد العلوم الاجتماعية محب شانه ساز، تجاوز الطلاب انقساماتهم وتشرذمهم أمام هول الكارثة التي تصيب «صمام الأمان الوحيد» لهم في هذا البلد.
اقتطاع 80 مليار ليرة من ميزانية الجامعة على سنتين


والمستهدف في حركة ما يسمى الموازنة، بحسب رئيس رابطة الأساتذة المتقاعدين عصام الجوهري، «هي هذه الجامعة بكل مكوناتها عبر إضعاف المتفرغ واللعب بمصير المتعاقد كي يترك الجامعة والطلاب كي يشككوا بجامعتهم وينضموا إلى أسواق الجامعات الخاصة، حيث بعضها يعطي الشهادات «ديليفري»، وإبعاد المتقاعد عن المساهمة العلمية في جامعته من حيث الأبحاث والإشراف والمناقشة». الأستاذ المتعاقد حامد حامد طلب باسم المتعاقدين من الرابطة عدم تعليق الإضراب المفتوح إلا بعد نيل الحقوق، وعلى رأسها رفع ملف التفرغ، وليكن هذا الملف خطاً أحمر من خطوطها. أما رئيس الرابطة يوسف ضاهر فأعلن الاستمرار بالاحتجاج والإضراب، محملاً السلطة المسؤولية الكاملة عن استمراره وعن مصير العام الجامعي. ورأى أن إضراب أساتذة الجامعة أفشل مخطط القضم من رواتب الموظفين والأساتذة والعمال، مشيراً إلى «أننا أعددنا الدراسات والأرقام التي تفضح نفاقهم على مدى الأربعين سنة الماضية حتى اليوم والتي تؤسس لاقتصاد حقيقي غير ريعي، ولموازنة استراتيجية يكون فيها للدولة السيطرة على مقدراتها». فالإجراءات المتخذة من الحكومة ستؤدي، بحسب التجمع الأكاديمي للأساتذة الجامعيين (الدكاترة عصام خليفة ونسيم خوري وبشارة حنا)، إلى تراجع الناتج الوطني المحتسب بنسبة تجاوز الـ 10 %، ولن ينخفض عجز الموازنة إلى الحدود المقدرة. وأكد التجمع أن التضامن بين كل المتضررين هو السبيل للانتصار في المواجهة المفتوحة.
يذكر أن رابطة الأساتذة شكلت لجنة من الأساتذة الاقتصاديين والحقوقيين لإعداد تقرير حول أثر الموازنة على الجامعة، وسيعرض هذا التقرير في وقت لاحق على الهيئة العامة، المخولة بحسب الأصول النقابية، تقرير مصير الإضراب.



سلام يونس تُحاصَر فتطلب الاستقالة!
علمت «الأخبار» من مصادر مقربة من المديرية العامة للتعليم المهني أن المديرة العامة بالتكليف، سلام يونس، طلبت منذ نحو أسبوع من مرجعيتها السياسية (الرئيس نبيه بري) إعفاءها من مهماتها لكونها تشعر بأنّ هناك نية لتكبيلها من كل الأطراف السياسية، وهي غير قادرة على العمل في ظل هذه الأجواء السلبية غير التربوية. فتناتش أحزاب السلطة على اللجنة الفاحصة العليا الوحيدة هذا العام (في العام الماضي كانت هناك لجنتان فاحصتان علييان)، استبعد مثلاً المسؤول عن المكننة ودوره أساسي في الاستحقاق وجرى توزيع المقاعد وفق الآتي: 7 للمسيحيين و7 للمسلمين ودرزي واحد. وتقول المصادر إن الاستقالة لم تكن سهلة على يونس لكونها حاولت القيام بخطوات إصلاحية من دون أن تلقى المساندة المطلوبة. ومن أسباب الاستقالة تعذر منع تحضير أسئلة الامتحانات الرسمية وطباعتها قبل أسبوعين من موعد الامتحانات، ما يزيد احتمالات تسريب الأسئلة.