قد يكون المثل القائل: «في كانون كِن (اجلس) ببيتك، وكتّر (أكثر) خبزك وزيتك» الأصدق تعبيراً عن واقع المناطق اللبنانية المشهورة بالسياحة الشتوية هذه الأيام. الكثير من السيّاح والزبائن الميسورين باتوا يفضّلون «الكنكنة» في المنازل والاقتصاد في النفقات والمصاريف على قضاء إجازة يحتاجون أكثر من «مشوار» إلى البنك للحصول على ما يغطّي تكاليفها.طبعاً لا يعني ذلك الافتراض أن كل من يستأجر غرفة في فندق أو شاليه، أو يقضي يوماً كاملاً في مناطق التزلج، هو حكماً من الميسورين وأصحاب الملايين. إلا أن تكاليف قضاء يوم كامل، بين تزلّج ومنامة لشخص واحد، تتخطى بسهولة نصف الحد الأدنى للأجور حتى في حال خفض النفقات إلى أقصى حد ممكن، إذ أن إيجار الغرفة لا يقلّ عن 150 ألف ليرة، فيما كلفة الدخول إلى منتجع «مزار» كفرذبيان للتزلج، على سبيل المثال، تتراوح بين 53 ألف ليرة و71 ألفاً في نهاية الأسبوع، كما يبيّن موقعه الالكتروني، أضف إليها كلفة النقل والطعام والمشروبات.

صعوبات رغم العروضات
«في العادة، في مثل هذه الفترة من العام، تكون الغرف كلها محجوزة. كان أمراً معتاداً أن نعتذر من زبائن كثيرين بشكل يومي عن عدم توفر غرف شاغرة. حرفياً لم تكن الاتصالات تهدأ، فلا ننتهي من مكالمة حتى نتلقّى مخابرة جديدة». هكذا تصف مديرة فندق White Cedar Hotel في الأرز ميرا سعادة الوضع. اليوم، رغم خفض الأسعار بنحو 20%، وبنسب أعلى لمن يستأجرون غرفاً لأكثر من يوم «إلا أن الحجوزات تراجعت حوالى 50% عمّا كانت عليه العام الماضي».
بلدية بشري تدخّلت بدورها لمحاولة تمرير الموسم بأقل ضرر ممكن وتجنيب المنطقة الجفاف السياحي. إضافة إلى طلبها من المؤسسات السياحية خفض الأسعار لتشجيع السياحة، أطلقت مع اتحاد بلديات القضاء وبالتعاون مع مؤسسة جبل الأرز وشركة «تلسكي الأرز»، مشروع دعم السياحة الشتوية لعام 2020، وبموجبه ستدعم بطاقة التزلج السنوية لأبناء مدينة بشري ليصبح سعرها 100 ألف ليرة بدل السعر الرسمي (150 دولاراً). أما بطاقة التزلج السنوية لأبناء القضاء والتي يبلغ سعرها الرسمي 250 دولاراً فستُدعم أيضاً لتصبح 100 ألف ليرة. ويستفيد من هذا المشروع بالمثل أيضاً أبناء قضاء زغرتا.

فاريا وفقرا...لا سيّاح
في فاريا الأوضاع ليست أفضل حالاً. يقول صاحب مشروع Faraya Village Club جان خليل إن «أعداد الزوار انخفضت بنسبة تتراوح بين 30% و40% رغم أننا خفّضنا أسعارنا بنسب مماثلة تقريباً». أما الزبائن «الدوّيمين» فأعدادهم قليلة مقارنة بالأعوام السابقة، وهو ما ينسحب أيضاً على السيّاح العرب والأجانب الذين ألغى قسم منهم حجوزاته مع تأزّم الأوضاع.
بدوره يؤكد جاك خليل، مالك Villeta Di Faraya، أن «الزبائن هذا العام هم حصراً من اللبنانيين، فيما كنا في السابق نستقبل أعداداً كبيرة من السيّاح العرب والأجانب. وحتى نسبة اللبنانيين تراجعت وإن كانت تُعد مقبولة في مثل هذه الظروف الاقتصادية. والأمر عينه ينطبق على الزبائن المعتادين. ليس من خيار أمامنا إلا الصمود وتمرير الموسم بأقل ضرر ممكن، وهو ما فرض علينا خفض الأسعار بشكل كبير رغم ارتفاع الكلفة التشغيلية بحكم غلاء الأسعار».
غياب تامّ للسيّاح العرب والأجانب والمنتجعات تفتقد «الزبائن الدوّيمين»


مالك مشروع Mzaar Views في كفرذبيان، ماهر مهنا، يلفت الى أن «الانخفاض في الأسعار وصل إلى حدود 50%، لكن هذا لم يحل دون تراجع أعداد الزبائن بحوالى 70%. أما السيّاح العرب والأجانب فنسبتهم لا تتجاوز 10% عمّا كانت عليه العام الماضي». أما «الزبائن الدوّيمين» فـ«لم يظهروا بتاتاً حتى الآن. حتى مدة الحجز تغيّرت بشكل ملحوظ. ففيما كانت الحجوزات في الماضي تمتد لعدة أيام، أصبحت الآن ليوم واحد وشرط أن يكون اليوم مشمساً».
فقرا أيضاً حازت على نصيبها من التردّي الاقتصادي. يؤكد مدير فندق Urban Faqra رولان بطيش أن «الزبائن من الدوّيمين اختفوا ولم نرهم هذا الموسم. ولكن، في العموم، أعداد الزبائن مقبولة رغم أنها أقل من المسجّلة في الموسم المنصرم»، ويشكو من أن «الضرر الأكبر الذي طاولنا كان من غلاء الأسعار وليس من تراجع حركة الزبائن. ومع هذا خفّضنا أسعارنا للتأقلم مع المعطى الاقتصادي الراهن».

الزعرور واللقلوق...الطقس مؤثّر
الزعرور، أيضاً، لم «تزمط»، وإن كان «للظروف المناخية» دور مؤثر إلى جانب الظروف الاقتصادية، بحسب مدير منتجع Zaarour Club شربل عبدو، مشيراً الى «تراجع كبير في أعداد الزوار والزبائن سواء ممن يقصدون المنتجع لممارسة هواية التزلج أم للنوم. أما من يقومون بحجز غرف فيحجزون لمدة زمنيّة أقل من تلك التي اعتدنا عليها في الأعوام السابقة. وفي ما يتعلق بالسيّاح العرب والأجانب فعددهم قليل مقارنةً بالسابق». أما المشكل الأكبر، بحسب مسؤول في فندق Shangri-La في اللقلوق، فيكمن في «غلاء الأسعار في وقت قمنا فيه بخفض أسعارنا بنحو 15%».