يواصل فيروس «كورونا» المستجد تفشّيه في أوروبا، حيث تُعزّز الدول الأكثر تضرراً كفاحها ضد الوباء العالمي، الذي تسبّب، حتى الآن، في أكثر من 32 ألف وفاة وأكثر من 700 ألف إصابة في العالم.وسُجّل ثلثا الوفيات في أوروبا، القارة الأكثر معاناة من الوباء، مع إحصاء أكبر عدد منها في إيطاليا (10,779 وفاة بزيادة أكثر من 890 خلال 24 ساعة)، تليها إسبانيا (6,606 وفاة بزيادة أكثر من 840)، ثم فرنسا (2,606 وفاة بزيادة حوالى 350).
وإزاء تفاقم الوضع، تُضاعف الدول الأكثر معاناة الوسائل والتدابير، لمواجهة هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة منذ قرن. وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أول من أمس، وقف كل الأنشطة الاقتصادية «غير الأساسية»، خلال الأسبوعين المقبلين. وفي إيطاليا، أعلن رئيس الوزراء جوسيبي كونتي أنه سيتم توزيع قسائم غذائية على الأكثر فقراً والأكثر تضرراً من جرّاء توقف الاقتصاد. وتمّ نشر عناصر الشرطة أمام محال السوبرماركت في صقلية لمنع حصول أعمال نهب، بعدما حاول بعض الزبائن الخروج من سوبرماركت حاملين مواد غذائية لم يدفعوا ثمنها، موضحين أنه لم يعد لديهم نقود لشراء حاجياتهم. ويبدو أنّ الحجر المنزلي بدأ يعطي أولى نتائجه في إيطاليا، حيث يتواصل تباطؤ انتشار العدوى. وقال جوليو غاييرا، مسؤول الصحة في لومبارديا، المنطقة الأكثر تضرراً في شمال البلاد: «نسجل في جميع أقسام الطوارئ انخفاضاً (في توافد المرضى)، وفي البعض منها يكون (التوافد) طفيفاً، وفي أخرى أعلى بكثير».
من جهتها، تعتزم الحكومة الفرنسية رفع عدد الأسرّة في أقسام الإنعاش في المستشفيات من خمسة آلاف إلى 14 ألفاً.
كذلك، يتسارع انتشار الوباء في المملكة المتحدة، حيث تخطّت الحصيلة عتبة ألف وفاة مع تسجيل 260 وفاة جديدة خلال يوم واحد. وحذر رئيس الحكومة بوريس جونسون، في رسالة كشف مكتبه نصّها وسترسل إلى ثلاثين مليون أسرة في البلاد: «نحن نعلم أنّ الأمور ستّتجه إلى الأسوأ، قبل أن تبدأ بالتحسّن»، داعياً المواطنين إلى الالتزام بتعليمات الحجر المنزلي، الذي أُعلن مساء الإثنين لثلاثة أسابيع.
يأتي ذلك فيما أقرّت الحكومة بأنّ العزل التام قد يتواصل لفترة «لا بأس بها»، بينما حذّر خبير بارز من أنه قد يستمر حتى حزيران. وقال الوزير مايكل غوف لشبكة «بي بي سي»: «لا يمكنني التنبّؤ بشكل دقيق، لكن الجميع على ما أعتقد عليهم أن يستعدوا لفترة لا بأس بها، تطبّق خلالها هذه الإجراءات».
يبدو أنّ الحجر المنزلي بدأ يعطي نتائجه في إيطاليا حيث يتواصل تباطؤ انتشار العدوى


غوف استغل المقابلة لتوجيه انتقاد إلى الصين، حيث ظهرت أولى الإصابات بـ«كوفيد-19». وقال إنّ «بعض التقارير (الأولية) التي وردت من الصين، لم تكن واضحة بشأن حجم العدوى وطبيعتها ومدى إمكانية انتقالها».
من جهته، رجّح الأستاذ في معهد «إمبيريال كوليدج» في لندن، نيل فيرغوسن، وهو بين علماء الأوبئة الذين يقدمون المشورة إلى الحكومة، في تصريحات إلى صحيفة «صنداي تايمز»، أن يتواصل العزل لأشهر. وقال: «سيكون علينا إبقاء هذه الإجراءات مطبّقة في نظري لفترة زمنية لا بأس بها ـــ على الأرجح حتى نهاية أيار، وربما مطلع حزيران، وأيار هو الاحتمال المتفائل».
خارج القارة الأوروبية، أعلنت السلطات الإيرانية، أمس، ارتفاع عدد الوفيات إلى 2640، بينما أكدت أنها ستضطر إلى تمديد «نمط الحياة الجديد لبعض الوقت» لمكافحة انتشار الوباء. وتعدّ إيران إحدى الدول الأكثر تأثراً بفيروس «كورونا»، حيث أودى المرض بحياة 123 شخصاً، خلال 24 ساعة، وفق ما أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور. وأضاف أن السلطات الصحية سجلت 2901 إصابة جديدة بـ«كوفيد-19»، خلال يوم واحد، ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 38309 إصابات، وتابع أن هناك 3467 مصاباً حالاتهم «حرجة»، بينما تعافى 12391 مريضاً.
في هذه الأثناء، أغلقت الصين حدودها مؤقتاً أمام معظم الأجانب، وحدّت بشكل كبير من رحلاتها الدولية لمنع انتشار إصابات «مستوردة».
أما روسيا، التي كانت آخر بلد كبير لم يَتّخذ أي تدابير حجر منزلي معمّم بعد، فقد أعلنت أنها ستغلق حدودها اعتباراً من اليوم، بعدما أمرت بإغلاق المطاعم ومعظم المتاجر قبل عطلة تستمر أسبوعاً.
وفي الدول الأكثر فقراً، ولا سيما في أفريقيا، يبدو من الصعب تطبيق تدابير الحد من التنقلات التي تثير موجة نزوح من المدن، خصوصاً في كينيا ومدغشقر.
وفي جنوب أفريقيا، أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي، أول من أمس، لتفريق مئات الأشخاص المتجمعين أمام متجر في جوهانسبورغ، مخالفين تعليمات الحجر.