لم يعد بوِسع النواب الاستراحة أكثر. أزمة «كورونا» قد لا تنتهي قبلَ أشهر، ولا مُبرّر لعدم عقد جلسات للجان أو الهيئة العامة. حياة الناس تتطلّب من مُمثليهم اجتياز «الخوف» والاجتماع لمواكبة عمل الحكومة والضغط عليها لاتخاذ قرارات أكثر عدلاً ومسؤولية. هذا التعطيل الذي عمره مِن عُمر وصول فيروس «كورونا» سينتهي بدءاً من اليوم، بعدما تقرر استئناف النشاط في مجلس النواب ولكن «عن بُعد». تلقّى النواب رسالة تُفيدهم بأن العمل التشريعي سيُمارَس مؤقتاً، وفقَ نظام «microsoft teams» لتأمين جلسة تشريعية عبرَ الإنترنت، بالصوت والصورة. وسيتمكّن النواب من تحميل هذا البرنامَج على الحاسوب الخاص بهم أو هواتِفهم الخلوية عبرَ رابِط أرسِل إليهم من قبَل قسم المعلوماتية في البرلمان، على أن يتمّ استخدام بريدهم الإلكتروني الخاص بالمجلس لتسجيل الدخول. هذا الأمر جرى بقرار من رئيس مجلس النواب نبيه بري «لتأمين حُسن انتظام العمل التشريعي». لكن لماذا تأخر الإجراء لأكثر من شهر؟ ولماذا اعتماد نظام الاتصال عن بُعد، علماً بأن الحكومة لم تُعلّق اجتماعاتها؟ هل سيتأقلم النواب سريعاً مع التقنية الجديدة، وما هي اقتراحات القوانين المُلحّة التي سيطرحها النواب لمواكبة عمل الحكومة؟منذُ أيام تتكثّف الاتصالات بينَ العاملين في إدارة المجلس، تحديداً في قسم المعلوماتية، والنواب لشرح كيفية استخدام النظام الجديد. ومن المفترض البدء منذُ اليوم بعقد جلسات تجريبية استعداداً للجلسة التشريعية التي من المتوقع أن تُعقد يومَ الخميس المُقبل، على أن يُشارِك فيها النواب من منازِلهم أو مكاتبهم. الخطوة «جيدة جداً» بحسب أكثر من نائب يعتبِر أنها «ليسَت متأخرة». ما شهدته البلاد من معمعة وتخبّط طيلة الأسابيع الماضية انعكس أيضاً على نشاط النواب، لكن ذلِك «لم يكُن تقصيراً متعمّداً بقدر ما كانَ عطلة إجبارية فُرِضت علينا نتيجة الالتزام بالإجراءات»، بحسب بعض أعضاء البرلمان. لكن الحكومة استمرت في عملها وكذلك الوزراء. يختلف عمل الحكومة وفقَ النواب عن عمل المجلس «فاجتماع ١٢٨ نائباً ليسَ بالأمر السهل، واتخاذ الإجراءات لا يقلل من الأخطار». المهم اليوم أن «يتأقلم النواب مع نظام التشريع عن بُعد، لا سيما أن هناك عدداً منهم ليسَ صديقاً للتكنولوجيا، وقد يحتاج إلى أسابيع لاعتياد التعامل مع الواقِع الجديد».
خلال فترة التعطيل السابقة، استمر نشاط عدد من النواب من خارج مكاتبهم، كما يقول رئيس لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية، النائب عاصِم عراجي. فهو وعدد من أعضاء اللجنة يزورون بشكل دائم الوزراء المعنيين، إضافة الى المستشفيات والمراكز الصحية. عراجي كانَ يفضّل إبقاء المجلس مفتوحاً على أن يقصده النواب حصراً، لأن هناك الكثير من اقتراحات القوانين التي كانَ يُمكن التقدم بها لمواكبة الأزمة. من بين هذه الاقتراحات يتحدث عراجي عن «اقتراح خاص بالموظفين في المستشفيات الذين لا يسري عليهم قانون الموظفين في الدولة»، إضافة إلى اقتراحات أخرى مرتبطة بالعمال الذي صُرفوا من وظائفهم في الفترة الماضية، لافتاً إلى أنها تخضع للنقاش مع الوزراء (العمل والصحة والشؤون الاجتماعية) الذين تجتمع بهم اللجنة أسبوعياً.
عراجي: اقتراح خاص بالموظفين في المستشفيات الذين لا يسري عليهم قانون الموظفين في الدولة


أما رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، فلفت إلى أن «اللجنة ستواكب عمل الحكومة في ما يتعلق أولاً بعملية التفاوض مع الدائنين، وكل ما يرتبِط بها، تحديداً لجهة إعادة هيكلة الدَّين العام، وهو أمر أساسي لاستعادة الثقة بلبنان». كما ستواكب اللجنة «الخطة الاقتصادية والأزمة المالية في ظل أزمة كورونا»، لافتاً إلى «ضرورة معرفة الرؤية الاقتصادية، وتحديد هوية اقتصادنا في المرحلة المقبلة». وماذا عن القوانين الملحّة في ما يتعلق بالمواطنين في ظل الأزمة الحالية؟ يؤكد كنعان أن اللجنة «ستتابع موضوع المساعدات، كالحصول على مبلغ 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان على تخطي الأزمة، وإمكانية تأمين مبالغ أكبر»، مشيراً إلى «نحو 11 اقتراحاً ومشروعاً تتعلق بمساعدة البلديات للمساهمة في إدارة الأزمة، وتعليق الضريبة على القيمة المضافة، وتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية وتأجيل دفع الرسوم».
من جهته، لفت عضو كتلة «الكتائب» النائب الياس حنكش إلى عدد من المشاريع والاقتراحات، منها «مشروع متعلق بإدارة الكوارث سبق أن تقدم به الوزير الراحل بيار الجميّل منذ عام ٢٠٠٥ وبقي في أدراج لجنة الأشغال»، كما هناك «اقتراح يتعلق بالإجراءات التي تتخذها المصارف في حق المودعين لتنظيم السحوبات»، إضافة إلى اقتراح معجل مكرّر لتعليق المهل القانونية، وأخرى تتعلق بإعفاءات من الميكانيك وفواتير الكهرباء. وماذا عن تقديم المساعدات للناس؟ يقول حنكش إنه «يجِب أن لا ننسى أننا في دولة مفلسة، ولا يُمكن أن نطلب أكثر من ما يمكن الحكومة أن تقدمه، لذا يجب أن يتكامل عملنا مع عملها، ولننتظر الجلسة التشريعية كي تتوضح الأمور أمامنا أكثر». ولا يرى حنكش صعوبة في اعتياد التشريع عن بُعد، «فنحن نعتمد هذه الآلية في اجتماعاتنا داخل الحزب، ونستخدِم تطبيقاً خاصاً يسمح لنا بطلب الكلام عبَر زر محدد، كما يسمح لرئيس الجلسة التحكم في إعطاء حق الكلام لمن يريد»، ومع أن «البعض سيجِد صعوبة في التفاعل معه والتعود عليه، لكنه يبقى أفضل من تعليق التشريع فترة طويلة».