فرغت الشوارع من المارة، باستثناء قلّة، بعد قرار الحكومة إعلان التعبئة العامة. لكنها امتلأت بكلاب وقطط تخلّى عنها أصحابها ورموها في الطرقات، بعدما سرت شائعات عن أن الحيوانات الأليفة تنقل فيروس «كوفيد - 19» إلى البشر. وزاد من خوف هؤلاء وضع بعض البلديات إعلانات طالبت مربي الحيوانات الأليفة بالتزام إبقائها في المنازل ومنع احتكاكها مع الحيوانات الشاردة في الشوارع، ما يساعد في نقل الأمراض، مستندة في ذلك إلى «أغلب الدراسات التي تحدثت عن الموضوع»! علماً بأن منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان OIE أكّدتا أن لا دليل علمياً على إمكانية انتقال العدوى من كلب أو قط أو أي حيوان أليف إلى الإنسان. كما أصدرت نقابة الأطباء البيطريين في لبنان بياناً أكدت فيه أن الفيروس لا ينتقل إلى الحيوانات الأليفة. وأوضح النقيب إيهاب شعبان لـ«الأخبار» أن الحيوانات الأليفة «ليست مصدراً للعدوى ولا تنتقل العدوى إليها». أما في ما يتعلق بإخراجها الى النزهة، فنصح بأن يكون ذلك أمام المنزل وفي أماكن نظيفة أو على أسطح المباني، «ليس خوفاً على الحيوان الأليف من أن يلتقط العدوى، وإنما خشية على صاحبه من التقاطها نتيجة الاحتكاك بشخص مصاب»، على أن تغسل قوائم الحيوان لعشرين ثانية لدى العودة إلى المنزل.غير أن التخلي عن الحيوانات الأليفة ورميها في الشارع وأمام أبواب جمعيات الحيوانات لم يبدأ فقط مع وصول الفيروس إلى لبنان. فبعد أحداث تشرين الماضي وتأزم الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر الدولار الذي انعكس ارتفاعاً في أسعار مأكولات الحيوانات ومستلزماتها، تخلّى كثيرون عن حيواناتهم، بحسب نائبة رئيس «جمعية حيوانات لبنان» ماغي شعراوي. ولفتت الى أن الفيروس شكل لكثيرين «حجة» للتخلي عن حيواناتهم رغم التطمينات بأنها لا تنقل المرض. وقد رتّب ذلك أعباء ضخمة على جمعيات إنقاذ الحيوانات بسبب أعدادها الهائلة ومتطلبات الرعاية الغذائية والبيطرية. «قبل الوباء تربّطت أيدينا، مع تضييق المصارف على الجمعيات ووضعها حداً للسحوبات واقتصار التبادل على الشيكات التي يرفضها الموردون والأطباء البيطريون»، تقول شعراوي. وما يزيد الوضع سوءاً «أننا في هذه الظروف غير قادرين على القيام بأي أنشطة لجمع التبرعات»، علماً بأن «الكارثة الأكبر أن هذا الشهر هو الشهر الذي تلد فيه القطط (كل قطة تلد على الأقل 5 قطط صغيرة). كما أن الحيوانات الأليفة غير معتادة على تدبير أمورها إذا ما تُركت وحدها في الشوارع، ما يعرضها لخطر الموت جوعاً وعطشاً ولكثير من الأمراض التي قد تؤثر على الإنسان نفسه».
رمي الحيوانات في الشوارع بدأ مع ارتفاع سعر الدولار وازداد بعد وصول الفيروس


«كان يمكن تدارك ذلك كله لو جرى الالتزام بقانون الرفق بالحيوانات الصادر عام 2017»، كما تؤكد الناشطة في إنقاذ الحيوانات غنى نحفاوي. إذ إن المادة 12 من هذا القانون تلزم البلديات بمراقبة محالّ بيع الحيوانات التي «تعتبر حنفية الفساد. والنسبة الهائلة من الحيوانات التي يقتنيها البعض كأشياء لا كأرواح سببها هذه المحالّ التي لا تراعي القانون». كان الحل في وضع شريحة إلكترونية لكل حيوان تعرّف باللقاحات وتسهّل الوصول إلى صاحبه وتغريمه. كما أن البلديات لم تقم بتأمين مشاعات أو مآوٍ للحيوانات بعد خصيها وتلقيحها، لأن «90 في المئة من هذه البلديات دكاكين، ولا تتحرك إلا عند الطوارئ، وغالباً في غير مصلحة الحيوانات والبيئة»!