العشرات من شجر الكينا معرّضة للقطع في تل أندي العكاري، بعد أن أعطت وزارة الزراعة الإذن لشركة «BUS»، بالبدء بتركيب أعمدة التوتّر العالي لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. فهل يُفلت هذه المرة، شجر الكينا المعمّر، من مصير القطع المحتم؟تعدّ طريق تل أندي من أجمل الطرق في عكار، تزنّرها مئات الأشجار الممتدة على طول 500 متر، وصولاً إلى منطقة تل عياش. شجر الكينا على الجانبين يؤلف نفقاً طبيعياً يجذب الزوار من خارج عكار، ويخلق خلفية طبيعية لالتقاط الصور الفنية.
لكن وزارة الزراعة و«بداعي المصلحة العامة»، أصدرت قراراً في 13 كانون الثاني الماضي، يسمح بقطع عدد من الشجر الواقع في العقار رقم 15 من منطقة العقارية تل عباس الشرقي، وذلك بناءً على الطلب المقدّم من نزار توفيق جزار رعد وشركائه، لصالح الملتزم فادي درغام، قريب أحد نواب المنطقة. وتضمّن قرار وزارة الزراعة، موافقة رئيس مصلحة الأحراج والثروة الحرجية، على قطع 40 شجرة كينا تنتج أربعة آلاف كيلوغرام من الحطب. وفيما أعطت الوزارة مهلة سنة للاستفادة من الإذن (حتى 31 كانون الأول المقبل)، اشترطت عدم التفحيم للحطب الناتج عن الأشجار المقطوعة.




مرت أربعة أشهر من دون تنفيذ المشروع، الذي لا يزال خطره محدقاً ويستدعي مواجهته كما حصل سابقاً. إذ إنه ومع بداية عام 2019، طرحت شركة «BUS» المشروع نفسه، لكن اعتراض أهالي تل أندي، وعدد من الناشطين البيئيين أجّله، من دون أن يسقطه نهائياً. أُجّل المشروع ولم تلبّ رغبة الأهالي بتمديد شبكة الأسلاك الكهربائية تحت الأرض، إلى أن تم إحياؤه عندما سُمح لأحد المتعهدين بقطع الأشجار المعمّرة من مفرق المسعودية إلى تل أندي. وفي الوقت نفسه، أُذن لمتعهد ثانٍ بقطع الأشجار من الجهة المقابلة، وقبل تنفيذ القطع، صدر ترخيص ثالث بقطع الأشجار اليابسة عند مشروع رعد، على طريق تل أندي.
في المواجهة، تكثفت الجهود المحلية لإسقاط مشروع القطع. في تل أندي لا يوجد بلدية، إنما هي تابعة لاتحاد بلديات السهل. حاولت «الأخبار» استصراح عدد من رؤساء البلديات المحيطة بتل أندي، من دون الحصول على تعليق منهم. أما رئيس اتحاد بلديات السهل، محمد حسين، فتحفّظ عن التعليق «كونه لا يملك الصلاحية». لمن تتبع تل أندي خدماتياً؟ «تخدم نفسها بنفسها» قال حسين.
في مقابل الحياد البلدي، تصدى عدد من الناشطين بشراسة لإسقاط مشروع قطع شجر تل أندي. الناشط محمد الدهيبي، لفت إلى أن المنطقة تعاني من مشكلة مستجدة في نوعية التربة، تمنع نبات أي أشجار جديدة، ملمّحاً إلى مؤامرة لتيبيس الشجر المعمّر لتوفير مبرر لقطعه. وعليه، فإن الشجر المعمّر الذي سوف يُقطع لا يمكن تعويضه. وفي هذا الإطار، استعرض مطالبة أهالي تل أندي مراراً لوزارة الزراعة بفحص التربة في إطار رفضها لمشروع القطع وتمرير شبكة التوتر العالي.
ولفت الدهيبي لـ«الأخبار»، إلى أن الأهالي والناشطين يسعون «لتأمين جهة محايدة تعمل على فحص تربة المنطقة»، مؤكداً أن الشجر «تم تيبيسه عن طريق سموم تُخلط بالمياه وتُسقى للجذور، ما يؤدي إلى يباس منهجي للأشجار، التي تموت من الداخل ببطء على مدى أشهر، من دون أن يظهر اليباس خارجياً. وهي جريمة حرجية يحاسب عليها القانون الدولي ومنظمة الفاو».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا