منذ أكثر من سنة، تعطّل العمل في مسلخ صور المركزي على مستوى القضاء، بسبب عطل تقني في شبكة الصرف الصحي. وعلى الرغم من أن البلدية الوصية عليه عملت على إصلاح العطل وتركيب «فلاتر»، وربطها بشبكة الصرف الصحي العامة، إلا أن إعادة تشغيله تأجّلت مراراً. إذ إن توقفه أنعش مسالخ فرعية في عدد من البلدات، يسيطر عليها نافذون حزبيون وسياسيون «فضّلوا استمرار توقف المسلخ المركزي لمصلحة المسالخ الفرعية» بحسب مصدر بلدي. علماً بأن مسلخ صور الحديث يشرف عليه طبيب يجري كشفاً على المواشي قبل وبعد ذبحها. لكن، وبصورة مفاجئة، توافق المعنيون في المنطقة على إعادة افتتاح مسلخ صور ليل أمس. الخطوة لاقت ترحيباً بين اللحامين والتجار والمواطنين على السواء، في ظل أزمة توافر اللحوم وارتفاع أسعارها واحتكارها. لكن وبالنظر إلى تفاصيل اتفاق التشغيل الذي رعاه الرئيس نبيه بري، والمدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، وبلدية صور، قد يشتمّ البعض روائح فساد ومحسوبيات تندرج في ما يُحكى عن مافيات سرقة اللحم المدعوم المؤلفة من بعض التجار، ومعنيين في وزارتَي الزراعة والاقتصاد. جولة «الأخبار» صباح اليوم على اللحامين تُنذر بمزيد من الاحتكار وسرقة المال العام المخصّص للدعم.
شهد المسلخ في ليلته الأولى ذبح 15 بقرة مدعومة، باعها أحد التجار. ومن المقرر بأن تسلّم الذبائح بداية لملاحم المدينة، على أن تسلّم الذبائح لباقي الملاحم في صور ومحيطها بدءاً من يوم الإثنين المقبل. واللافت أن المسلخ الذي كانت تشغّله سابقاً لجنة مشتركة من التجار واللحامين والبلدية، لُزّم إلى شركة نخلة للاستيراد والتصدير لصاحبها د. ن، أحد أبرز تجار المواشي في لبنان، والذي ورد اسمه في تقارير عدة اتهمته بالاستفادة من الدعم الذي تحصّل عليه من مصرف لبنان. علماً بأن د. ن نفسه، تمّت ملاحقته أمام القضاء بتهمة تلويث الليطاني، عن طريق رمي مخلّفات مزرعته في النهر في زحلة.

علامات الاستفهام أحاطت أيضاً بآلية تشغيل «نخلة» للمسلخ. وفق نقيب اللحامين في صور، طلال خضرا، فإن «الكمية التي كان من المقرر أن يتسلّمها اللحامون في مدينة صور، لم يحصلوا عليها، بسبب إعطاء أكثر من 70 في المئة من هذه اللحوم للحامين من خارج المدينة والقضاء، ولم نتسلّم الكمية الكافية لتلبية الزبائن. إضافة الى ذلك، فوجئنا بأن السعر الذي فُرض علينا لشراء اللحم من المسلخ ليس مدعوماً». وشرح خضرا لـ«الأخبار»، أن «السعر الذي نتسلّم به اللحم هو 40 ألف ليرة بدل الكيلو الواحد من المواشي المدعومة. لكن فيها ما يوازي 20 في المئة من العظام والشحوم التي نزيلها، ما يعني بأننا نخسر في حال بعنا الكيلو للمواطن بـ45 ألفاً!». كما حذّر خضرا من أن الآلية المتبعة «لا يمكن الاستمرار فيها»، مطالباً وزارة الاقتصاد بـ«تشديد الرقابة على المسالخ وإلزامها بتنظيف اللحمة من الشحوم قبل بيعها للحامين، ليتمكنوا من بيعها بالسعر المدعوم».

وعلمت «الأخبار» بأن اللحامين راجعوا أبو حيدر، الذي سمح لهم ببيع كيلو اللحم المدعوم بخمسين ألفاً بشكل مؤقت.