تعقد لجنة البيئة النيابية جلسة، اليوم، لدرس الأثر البيئي والأضرار الناتجة من انفجار مرفأ بيروت، بعد ثمانية أشهر على الكارثة، وما أعقبها من فوضى عارمة في معالجة الردميات والمستوعبات والمواد الخطرة والنفايات، ما أدى إلى بقاء كثير من المواد الخطرة «في أرضها» حتى اليوم. ولكي يكون النقاش مثمراً، ينبغي أن تكون الجلسة للمحاسبة لا للمجاملة. لذلك، يفترض أن تطرح فيها كل الإشكاليات التي رافقت هذا الملف، واستجواب المسؤولين في وزارة البيئة حول إدارتهم للأزمة، وعن أسباب التأخر في تشكيل لجنة خاصة تهتم بالآثار البيئية للانفجار، وسبب حصر مهماتها بالمرفأ من دون المناطق المتضررة خارجه، ولماذا غابت الوزارة عن توجيه المتطوعين حول كيفية التعامل مع المواد الخطرة الموجودة في الردميات، ولماذا غابت عن تنسيق أعمال الجمعيات ما أدى الى تورط بعضها في مشاريع مشبوهة.ويقدّر حجم بقايا الزجاج التي جمعت في أرض البلدية في الكرنتينا، بما بين 10 و12 ألف طن. وقد كُلّفت جمعية «ارك أن سييل»، بتمويل من الوكالة الفرنسية للتطوير والتنمية بقيمة 700 ألف دولار، بفرز الزجاج وإعادة فرمه وإيجاد طريقة استخدام ثانية له بالتعاون مع مبادرة حسن الجوار في الجامعة الأميركية في بيروت، قبل التنبّه الى أن ركام الزجاج يحتوي على مادة الاسبستوس المسرطنة.
ورغم تنبيه خبراء لبنانيين في الأيام الأولى بعد الانفجار إلى ضرورة درس سبل إزالة الردم وتجميعه لاحتمال وجود مواد خطرة فيه، تأخّر أخذ عيّنات من الردميات لمعرفة ما تحتويه من معادن ثقيلة وهيدروكربونات بترولية وديوكسينات واسبستوس. وتسبب ذلك في تعثر معالجة الزجاج. وعلمت «الأخبار» من مصادر متابعة للملف أن أخذ العيّنات تمّ بعد طحن بعض الزجاج واستخدامه في إعادة التصنيع!
كسّارة ضخمة من الحكومة الفنلنديّة قادرة على طحن 500 طن من الردميّات في الساعة


وإلى جانب ركام الزجاج، جمعت في أرض البلدية في الكرنتينا ردميات المرفأ والأماكن السكنية التي تضررت في الانفجار. ويقدّر حجم هذه الردميات بأكثر من خمسين ألف طن. وقد تلقّى لبنان مساعدة من الحكومة الفنلندية (عبر اليونيسف)، هي عبارة عن كسّارة ضخمة متنقلة قادرة على طحن 500 طن من الردميات في الساعة، وإنهاء طحن كل الردميات خلال شهرين تقريباً. تتألف الكسارة من ثلاث ماكينات ضخمة متنقلة، اثنتان منها للفرز، والثالثة للطحن والتكسير. وتم التفاهم مع وزارة البيئة لنقل الردميات بعد طحنها الى مواقع مقالع وكسارات قديمة قريبة من الساحل. وبعد درس 3 مواقع، اختير أحدها في بلدة راس نحاش في منطقة البترون. وتبلغ كلفة هذا المشروع مليونين ونصف مليون دولار، من ضمنها كلفة الفرز وتكسير الركام وإعادة تصنيع أو استعمال مواد مثل البلاستيك والخشب والحديد.
وهناك 4 طرق معتمدة عالمياً للتعامل مع الـ«اسبستوس» المسرطن المختلط مع الركام، وهي: إما نقلها الى مطمر مجهّز لاستقبال النفايات الخطرة في أماكن تم اختيارها بعناية، وهذا غير متوفر في لبنان، أو تصديرها الى دولة أخرى وهو أمر مكلف جداً ويتطلّب إجراءات معقّدة، أو استخدام مواد كيميائية مثل الأسيد لرش ألواح الـ«اسبستوس» ما يؤدي الى تآكلها تمهيداً لإعادة جمعها، وهي مسألة معقّدة لا تخلو من مخاطر أخرى. أما الحل الرابع الذي تم اعتماده، فيقضي باستخدام فرّامة محكمة الإغلاق يمكن تشغيلها من بعد (مسافة 200 متر) ووضعها داخل هنغار مجهز بنظام ضغط سلبي يساهم في إبقاء الغبار داخل الهنغار وشفطه بشفاطات وجمعه، ليخرج بعد ذلك الحطام المطحون حبيبات صغيرة.
وقبل فرم المواد، يتم فرز الحديد والبلاستيك والخشب بطريقة ميكانيكية وأوتوماتيكية، أما الغبار الذي يحتوي على الـ«اسبستوس» ويتجمّع في الفلاتر فيجبل بالمياه ويُصبّ الباطون عليه.
وستتم الاستعانة بشركة «دفلوبمنت انك» الحاصلة على براءة اختراع لإعادة استخدام البلاستيك، ولا سيما «المرفوضات» منه، أي تلك غير القابلة لإعادة التصنيع، عبر خلطها مع كسر وإعادة استخدامها في صناعة مقاعد بلدية وحاويات للنفايات ومستوعبات للزراعة، ولوحات لإعلانات ولأسماء الشوارع.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا