تنطبق على عائلة أبو دياب مفردات أناشيد عيد العمّال: الكدح وعرق الجبين والبنية الجسدية القوية واليد المحفرة. فالعائلة امتهنت "البناء العربي" أو تشييد البيوت بالحجر الرملي والصخري وترميم الأبنية التراثية والأثرية.في مسقط رأس العائلة في الجاهلية (قضاء الشوف)، نماذج معمارية تراثية تشكّل معرضاً دائماً لإبداعاتها، منها يعود إلى ما قبل مئة عام في العهد العثماني، منزل الجدّ الأكبر للعائلة الذي يُشتهر كأقدم منزل في البلدة.

فاضل أبو دياب أحد أفراد الجيل الرابع من البنّائين. باكراً تعلّم المهنة مع شقيقه وسيم على يد جده وعمه. التقط الفتى أصول تشييد القناطر والحفريات الحجرية والأسقف الخشبية العالية والعُقد الحجرية على اختلاف أنواعها وأحجامها والتيجان المنحوتة يدوياً ودك جدران الحجر الرمليّ، ورفع القمرية (المنور). تصاميم عمرانية وهندسية لم يتعلمها في الجامعات، بل عملياً بين الورش.

يختصر الشيخ فاضل مهنته بالفنية والمتعبة. "كل تلك التفاصيل الهندسية العريقة، تُشغل باتقان يدويّ وحرفيّ وتستغرق وقتاً وجهداً، على عكس البناء الحديث الذي يتّصف بالسرعة والعملية".

على مر السنوات، ذاع صيت أبناء الجاهلية في مناطق أخرى. عدد من المتضرّرين في انفجار مرفأ بيروت، استعان بهم لترميم منازلهم التراثية. بحسب وسيم أبو دياب، فإن ترميم الأبنية القديمة في محيط الانفجار "يتطلّب تقنيات وأساليب دقيقة ومحددة بسبب دقّة البناء ونوعه من جهة، والتاريخ الزمني القديم الذي يفرض التعاطي باستثنائية وحرص شديد للوصول إلى أفضل النتائج وإعادة البناء إلى ما كان عليه".

يستعرض ميزات البناء القديم المختلف تماماً عن البناء الحديث. "طرق تصميمها كانت من حجر القطع الطبيعي وليس الصناعي، ويتجاوز ارتفاع الأسقف الثلاثة أمتار في حين ارتفاع الأسقف الحالية حوالي المترين ونصف المتر". رمم الأخوان أبو دياب عشرات الأبنية الأثرية والقصور الخاصّة والعامّة والرسميّة والسرايات الحكومية التراثية في الجبل وبيروت والبقاع والشمال والجنوب كسراي بعقلين.