قبل نحو عامين، تملّك بنك التمويل، المملوك جزئياً وبشكل غير مباشر من مصرف لبنان عبر شركة «إنترا»، 26 عقاراً في منطقة الغسانية (قضاء صيدا) تحمل الأرقام 6 و873 إلى 898، إضافة إلى العقار الرقم 1079 (في منطقة الصيفي) يملكها رئيس بلدية البلدة الجنوبية عباس فواز. عملية التملّك تمّت نتيجة تسوية رعاها الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، وكلّفت المصرف «من كيسه»، نحو خمسة ملايين دولار «وُهبت» لـ«الريّس» المدعوم سياسياً «بالتواطؤ مع خبراء التخمين في مصرف التمويل ومسؤولين في لجنة الرقابة على المصارف»؛ إذ منح حمود الموافقة الإدارية على عملية الشراء لاستيفاء جزئي لدَين مترتب على فواز على أساس سعر متر بيعي (150 دولاراً) يتجاوز ستة أضعاف السعر التقديري (20 دولاراً) بحسب أكثر من خبير. ونتيجة هذا التلاعب بالأسعار، «سدّد» فواز نحو ثمانية ملايين دولار من ديونه مقابل عقارات لا يتجاوز سعرها الفعلي ثلاثة ملايين دولار.وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، وافقت الهيئة المصرفية العليا في نيسان الماضي على عرض قُدّم إليها لشراء العقارات المذكورة بشيك مصرفي بقيمة خمسة ملايين دولار (أي نحو مليون دولار)، ما يعادل نحو 22 دولاراً للمتر. وأوضحت مصادر مصرفية أن المصرف اضطر إلى الموافقة على البيع لتجنب تحمّل تبعات التأخير في تصفية الأملاك التي ينص عليها قانون التسليف والنقد، إذ يحتّم هذا القانون تصفية الأملاك بعد مرور سنتين على شرائها.
اشترى البنك المتر بـ150 دولاراً وباعه بـ 22 دولاراً!


مصادر قانونية مطلعة قالت لـ«الأخبار» إن المصرف لم يتمكن من بيع العقارات بالسعر الذي اشتراها به، وإن عملية الشراء المزمع عقدها الآن «تتم وفق السعر الحقيقي للعقارات». ورأت في هذا العرض «تأكيداً على الخدمة التي قدّمها المصرف لرئيس البلدية على حساب أموال مصرف لبنان». ولفتت إلى أنه «بعملية البيع هذه، يكون المصرف قد زاد خسارته بسبب تواطؤ ضمني بين الجهات المعنية، وتحت إشراف جهات الرقابة المؤتمنة على تنفيذ القوانين».
في كتاب وجّهته في 11 كانون الثاني الماضي إلى عضو بلدية الغسانية علي فواز، تذرّعت رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مية الدباغ بالسرية المصرفية لعدم الاستجابة لطلب الأخير الاستفسار حول موقف اللجنة من المعلومات التي توثق التلاعب بأسعار العقارات، إذ اكتفت دباغ بالقول حرفياً: «لا يسعنا تزويدكم بأي معلومات إضافية متعلقة بالموضوع المثار (...) استناداً لقانون سرية المصارف».
عضو المجلس البلدي اتهم رئيس البلدية بممارسة «الكيدية والانتقام» ضده بسبب متابعته للملف. وأوضح لـ«الأخبار» أن «الريس» أصدر قراراً في تشرين الاول الماضي وضع بموجبه إشارة عدم تصرّف على منزل العضو البلدي بحجة وجود مخالفات، «علماً بأن هذه المخالفات سُوِّيَت بقرارات تحمل توقيع رئيس البلدية نفسه».
«الريس» فواز، من جهته، بدوره، نفى في اتصال مع «الأخبار» وجود خلفيات كيدية، مشيراً إلى وجود دعاوى قضائية مرتبطة بتعدي العقار الذي يملكه علي فواز على عقار تابع للبلدية، «والدعوة مستمرة والإشارة على الصحيفة العقارية تعود لسنوات»، علماً بأن الإفادات العقارية تثبت شطب الإشارة بموجب تسوية تمت في عهد رئيس البلدية الحالي.