شيّعت محلة باب الرمل في طرابلس جثمان الشاب بلال عطيّة (24 عاماً) الذي توفّي متأثراً بجروحه وحروق بالغة في أنحاء متفرقة من جسده، بعدما أقدم على حرق نفسه بمادة «التنر» يوم الاثنين الماضي، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وعجزه عن تأمين الطعام لعائلته.
عمر عطية، عمّ بلال، أوضح لـ«الأخبار» أنّ ابن شقيقه «يُعاني منذ كان صغيراً من مرض التوحّد، وهو يعيش مع عائلة مكوّنة، إلى جانب الأب والأمّ، من 4 أفراد، هم: فادي، بلال، خالد وراشد، وأنّ الأخير يعاني أيضاً من مرض التوحّد، ووضعه أصعب من بلال، وبحوزته بطاقة من وزارة الشؤون الاجتماعية، لكنّ صلاحيتها منتهية. وعبثاً حاولت والدته تجديدها له، لكنها لم تستطع».

وأضاف عطية إنّ عائلة بلال «تعيش في منزل هو عبارة عن غرفة واحدة في محلة ساحة الدفتار، وهي من أفقر أحياء منطقة باب الرمل»، لافتاً إلى أن «والده يعمل في تصليح الكهرباء والساتالايت، ومردوده بالكاد يكفيه يوماً بيوم، كما أنّه يعاني من وضع صحّي صعب لإصابته بتصلّب في الشرايين، ووالدته تعاني وضعاً صحياً صعباً أيضاً».

وفيما وصف عطية وضع عائلة شقيقه المعيشي بـ«الصعب جدّاً» و«بِبكّي الحجر»، و«الفقر عامي قلبهم»، قال إن هذا الوضع «ليس الآن فقط، بل حتى قبل انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع سعر صرف الدولار، إلى حدّ أنّ بيتهم ليس فيه غسالة أو برّاد».

وبشأن ابن شقيقه، قال عطية إنه «كان منذ فترة يائساً بعدما ضاقت الدنيا في وجهه»، مشيراً إلى أنه كان يُحاول دائماً رفع معنوياته، وأنّه في مقتبل العمر، والدنيا أمامه». وأضاف: «كان محبوباً جدّاً من أقربائه ومحيطه وكلّ من كان يعرفه».

لكنّ بلال، حسب عمه، «جاء يوماً إلى البيت ومعه قنينة تنر من محل نجارة كان يعمل فيه، أخفاها عن أهله، وصعد بها في غفلة منهم إلى سطح المنزل وأحرق نفسه بها، ما دفع العائلة إلى إسعافه فوراً ونقله إلى مستشفى السلام في طرابلس، الذي استقبله وعالجه ولم يقصّر معه، وقد أوضح لنا الطبيب المعالج أنّ الحروق التي أصيب بها بلال في جميع أنحاء جسده تقريباً هي من الدرجة الثالثة، وأنّ وضعه الصحي صعب جدّاً، لكن بقي أملنا كبيراً في الله، وبأنّه سيشفى».

ويضيف عطية: «إلا أنّ وضع بلال ساء لاحقاً، وكان علينا تأمين دم له بشكل يومي، إلى أن أبلغنا المستشفى أمس أنه توفّي بسبب توقف الكلى عن العمل»، معبّراً عن حسرته بوفاة ابن شقيقه بالقول: «بكيت مرتين في عمري كله، الأولى يوم وفاة أمي، واليوم، لأنّ بلال مات مقهوراً».

ويختم عطية كلامه بمناشدة الجهات المعنية من أجل «مساعدة هذه العائلة الفقيرة وأمثالها في طرابلس»، مُبدياً خشيته من أن «يقدم شقيق بلال الأصغر، راشد، على ما فعله أخوه قبل أيّام، نظراً إلى الفقر المدقع الذي تعيشه العائلة».