نالت عكار هذا العام حصة وافرة من موسم الحرائق، كانت كفيلة بتحويل أهم غاباتها إلى سواد ورماد. طالت الكارثة أهم المحميات البيئية في المحافظة، فقضت على الدروب البيئية التي يسلكها محبّي المشي والزوار أسبوعياً، والتي شكّلت مقصداً لكل اللبنانيين.
وما هي إلا أيام على إخماد الحرائق التي اندلعت في مناطق القبيات وعندقت وأكروم، والتي قضت على مساحة قدّرها البيئيون بـ30 كلم مربع، حتى اندلعت حرائق في منطقة جرد القيطع المشهورة بغاباتها الفريدة من نوعها وغابات الأرز والشوح واللزاب.
واستمر تمدد النيران لليوم الثالث على التوالي، مهدداً بذلك غابة أرز القلّة أعالي جرود بلدة حرار، إحدى أجمل غابات الأرز في لبنان نسبةً لموقعها الجغرافي المميز وأشجارها الضخمة والمعمّرة، وللتنوع البيئي والجيولوجي الذي تضمّه.

الكارثة دفعت بالبيئيين والمتطوعين من شباب حرار إلى تطويق غابة القلّة ومحاصرة النيران ومنع تمددها، وحصرها في قلب وادي جهنّم فوق نبع البرغش، على أن تتولى طوافات الجيش اللبناني إخمادها.

وفي التفاصيل، فإن الحريق بدأ في خراج بلدة حرار بالقرب من نبع «كيف التين»، وأتى على مساحة كبيرة جداً من أشجار الصنوبر والسنديان، وسرعان ما توسعت رقعته أفقياً وطالت غابات بلدة حرار الملاصقة لغابات بلدة مشمش. وامتدت النيران إلى غابة أرز القلة التي تضم عدداً كبيراً من أشجار الأرز العتيق بالإضافة إلى أشجار الشوح واللزاب والعزر والعفص والسنديان، إلا أن جهود البيئيين والعناية الإلهية، حالت دون وقوع المجزرة وأنقذت غابات الأرز المعمّرة من ألسنة اللهب.

ويتحدث الناشط البيئي عبد القادر مجيد، عن أن «الخسائر كبيرة جداً، خاصة وأن النيران أتت على ما يقارب 5 كلم مربع»، مؤكداً أن «المتطوعين وأبناء المنطقة لم يوفّروا جهداً للسيطرة على النيران، ولكن وعورة المنطقة أدّت إلى تمدد النيران، ما استدعى تدخّل الطوافة العسكرية التي تعمل كل ساعات النهار».
وأشار مجيد إلى أن «المشكلة الفعلية تكمن في عدم وجود خطط وتجهيزات وحملات توعية وتشجير أو تشحيل، وكأن غابات محافظة عكار رغم أهميتها مكتوب لها التهميش والحرمان».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا