أثار مشروع ترميم وتأهيل التكية المولوية في طرابلس، اعتراضات عدة، بسبب ما وصُف بـ«تشويه معلم ثقافي وتاريخي في المدينة، والذي يمثّل واحداً من أرقى وأهمّ مواقع أتباع الطريقة الصوفية المولوية في لبنان والعالم».
أما سبب الاعتراضات على المشروع الذي ينفّذه مجلس الإنماء والإعمار، فهو استحداث محوّل ضخم مخصص لمياه الصرف الصحي، العائدة لمحلّة أبي سمراء، في موقع يطلّ مباشرة على التكية. وبالفعل، تم تسجيل حصول تسرّب للمياه الآسنة إلى داخل الموقع، من مجرور آخر يمرّ بالقرب منه، كان قد تعرّض لعطل أثناء قيام الشركة المتعهدة بعملها في ترميم وتأهيل التكية.

(الاخبار)

وأفاد مصدر لـ«الأخبار» بأن رئيس الحكومة السابق حسان دياب، تدخّل شخصياً لدى المجلس لمعالجة الخلل. وتمّ إصلاح العطل بعد اعتراض عقيلة دياب، نوّار مولوي، على التشويه الحاصل للتكية، والتي تُعتبر عائلتها قيّمة عليها منذ نشأتها عام 1619، على ضفاف نهر أبو علي، وبقيت حتى أواخر خمسينات القرن الماضي تشهد حلقات ذكر لأتباع الطريقة المولوية فيها، قبل أن تُهجر كلياً.

من جهته، انتقد رئيس لجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس، خالد تدمري، قيام مجلس الإنماء والإعمار بتمرير قنوات الصرف الصحّي العائدة لمنطقة أبي سمراء بجانب التكية المولوية، التي يُعاد ترميمها بهبة من وكالة التنمية التركية «تيكا». ولفت إلى أن الأشغال تسببت بـ«تسرّب مياه الصرف الصحّي داخلها، والإضرار بمرافقها وتشويهها»، واصفاً مشاريع المجلس التي ينفّذها في طرابلس بأنها «فاشلة»، ومتهماً إياه بتحويل «حديقة التكية المولوية إلى مصبّ للمياه الآسنة والمجارير».

كما أشار تدمري إلى أنه «منذ سنوات، بدأ العمل على ترميم التكية المولوية بهبة من تركيا، وأن وكالة تيكا حينها قد طرحت، وعلى عاتقها، تنظيم محيط التكية بحديقة تعكس ملامح المدينة التراثية، تزدان بأشجار النارنج والزيتون والورود. ويُصار معها إلى استحداث متحف للطرق الصوفية داخل التكية، لتغدو المنطقة واحة للثقافة والعلم والفنون».

وتابع أن مجلس الإنماء والإعمار «سارع في المقابل، إلى تلزيم مناقصة حديقة التكية المولوية بتصميم مشوّه، قوامه حوائط وممرات من الباطون ومدرّجات جاءت على حساب السّاحة، إلى متعهّد محظي لم يُنهِ أعماله حتى الآن. علماً أن مدة المشروع انتهت منذ عام ونصف، ممّا تسبب في تأخير إنجاز المتحف وتشويه محيطه».

واعتبر تدمري، كذلك، أن «جديد المشروع هو تحوّل تلك الحديقة إلى مجرور للمياه الآسنة، التي تتدفق فيها بدلاً من برك المياه الغنّاء في أرجاء المكان، وتنساب على حوائط ومدخل التكية المولوية وجدار مقام النبيّ الخضر الموجود فيها، فتخرّب ما تمّ ترميمه، بل وتنجّس هذا المعلم الديني الهام الذي يضمّ مسجداً في داخله، كما شُوّه من قبل محيط الجامع البرطاسي المجاور، وكذلك المشروع الكارثي المتمثّل في سقف نهر أبو علي».

التشويه للتكية المولوية وتسرّب مياه الصرف الصحّي إليها، أثار حنق مشايخ ورجال دين في طرابلس، ودار الإفتاء فيها، الذين انتقدوا ما يحصل من تدنيس وتخريب للمكان، سواء على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي أو على منابر مساجد يخطبون فيها.