80 دولاراً للـ 5 أمبير. هذه «المقطوعية» حدّدها صاحب أحد مولّدات الاشتراك في منطقة عرمون. أما توصيات وزارة الطاقة في شأن تركيب العدّادات وتسعيرة الكيلواط، فيمكن لمن يرغب أن «يشترك بمولّد الوزارة»! زميل له في الشويفات حدّد «مقطوعية» الـ10 أمبير بمليون و800 ألف ليرة، معتبراً «العرض» هذا «مغرياً» لـ«زبائن» ممنوعين أساساً من الاشتراك في مولّد آخر، بما يخالف «البروتوكول» المعمول به في «جمهورية المولّدات»، والذي يمنع «تعدّي» صاحب مولّد على «منطقة» صاحب مولّد آخر.تسعيرات خيالية يفرضها أبناء «الكار» ممن لا يعترفون بعدّادات الوزارة. أما من يفعلون، فيحجبون الفواتير عن المشتركين بما يحول دون إطلاعهم على كمية الكهرباء التي استهلكوها. مشتركة تقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت طالبت «الجابي»، أكثر من مرة، بإعطائها فاتورتها، «وفي كل مرة يجيبني بأن صاحب المولّد أصدر تعليمات بإعلام الزبائن بمجموع الفواتير عبر الهاتف فقط».
«القصص» التي يرويها المئات عن «مغامراتهم» مع أصحاب المولدات تؤكد المؤكّد: كما في الصحة والتعليم والدواء وغيرها، وحدهم الناس رهينة مافيا المولدات التي لا ترضى، كغيرها من «الكارتيلات» التي أنجبتها المنظومة، بالتنازل عن هامش أرباحها وتستميت في الدفاع عن مصالحها على حسابهم.
سكان مبنى ضمن بيروت اتفقوا على شراء مولّد خاص بعد تحليق التسعيرة التي وضعها صاحب أحد المولّدات، «لكننا تلقينا تهديداً صريحاً بإحراق المولد وبقطع الاشتراك عنّا وبمنع أي صاحب مولد آخر من مدّنا بالكهرباء. لذلك، قرّرنا العدول عن الفكرة». هذه الميليشيوية في التعاطي لا تعيرها نقابة أصحاب المولدات اهتماماً، إذ إن «المعركة الرئيسة» التي تخوضها اليوم هي نقل مهمة وضع تسعيرة الكيلواط من وزارة الطاقة إلى وزارة الاقتصاد، «لأن الأخيرة قادرة على إنصافنا ورفع الغبن عنّا لأننا أصحاب حق»، وفق رئيس النقابة عبدو سعادة.
سعادة الذي يقفز عن تهرّب عشرات من أصحاب المولّدات من تركيب العدّادات، وعن إخفاء الفواتير عن الزبائن، وعن التسعيرات الخيالية في بعض المناطق لتصل إلى سبعة آلاف ليرة للكيلواط، يحمّل مسؤولية الفوضى لوزارة الطاقة التي «أدخلتنا في فوضى التسعير. ولو أنها التزمت بجدول التسعير المتفق عليه، لكنا أجبرنا نحو 90% من أصحاب المولدات على الالتزام بها».
وزارة الطاقة: لم نعد في الزمن الذي يمكن لأصحاب المولّدات جني أرباح كبيرة كما في السابق


إذاً، يمكن للنقابة أن تمون على أصحاب المولدات للالتزام بتسعيرة موحّدة وبتركيب العدادات؟ يردّ سعادة الحديث إلى مسؤولية وزارة الطاقة في «إجبار أصحاب المولدات على مخالفة التسعيرة». ماذا عن العدّادات؟ يجيب: «أنا مع العدّادات، وقد باشرنا بتركيبها منذ عام 2017، والمشترك الذي رفض تركيب العداد وقّع على ذلك. أما من يرغب اليوم في تركيب عدّاد فعليه أن يعي أن هناك كلفة سترافق العملية». لم يحدد سعادة ماهية هذه الكلفة ولا طبيعتها، واكتفى بالإشارة إلى أنه تواصل مع وزير الاقتصاد أمين سلام الذي «أبدى تفهماً ووعدنا خيراً لجهة نقل مهمة التسعير إلى وزارة الاقتصاد». فالتسعيرة التي حدّدتها وزارة الطاقة مطلع الشهر الجاري بـ 5200 ليرة للكيلواط «غير منصفة لأن كلفة الكيلواط تقارب الستة آلاف ليرة». كل ذلك، «لأن هناك شخصاً ظالماً (مستشار وزير الطاقة خالد نخلة) ما زال في الوزارة منذ 10 سنوات ونعاني معه منذ ثلاث سنوات. ونحن في صدد الادّعاء على الوزارة وعلى من يقوم بالتسعير داخلها».
لكنّ كلام سعادة عن «غبن التسعيرة» يتناقض وشهادات بعض أصحاب المولدات في عدد من المناطق ممن تواصلت معهم «الأخبار». يقرّ هؤلاء بأن تسعيرة الوزارة «كانت مُنصفة هذا الشهر ولكن عليها أن تتغير الشهر المقبل لأن سعر المازوت إلى ارتفاع». وهو أيضاً ما يؤكده رئيس بلدية الغبيري معن خليل، مشيراً إلى أن «هامش الربح لكل من لم يشترِ المازوت الإيراني يُقدر بنحو 20%. أما من استفاد من المازوت الإيراني فعليه حكماً أن يعتمد تسعيرة أقل من تلك التي حددتها وزارة الطاقة». كلام خليل يأتي في سياق «احتكاك» البلدية المباشر مع أصحاب المولدات وتعرّفها إلى آلية التسعير.
مُستشار وزير الطاقة خالد نخلة، من جهته، ذكّر بأن أصحاب المولدات «لطالما كان مطلبهم اعتماد تسعيرة الكيلواط على أساس 22 سنتاً، وها هي اليوم محددة بـ25 سنتاً، أي أكثر من تسعيرة كهرباء لبنان بـ30 مرة». وقال لـ«الأخبار» إن على هؤلاء أن يقبلوا «أننا لم نعد في الزمن الذي يمكنهم فيه جني أرباح كبيرة كما في السابق». ولفت إلى أن التزام كثيرين من أصحاب المولدات بالتسعيرة «دليل على أنها تتضمن هامشاً جيداً للربح»، مشيراً إلى أن تسعيرة الوزارة إنما تصدر عن «فريق تقني مختص بناءً على قرار متّخذ من مجلس الوزراء، ومن يرد نقل مهمة التسعير، فليطالب الحكومة بذلك». وعن إمكانية رفع التعرفة الشهر المُقبل، قال إن التسعيرة هذا الشهر كانت على أساس سعر 244 ألف ليرة لصفيحة المازوت، فيما سعرها اليوم يُراوح بين 275 ألف ليرة و280 ألفاً، ما يؤكد أن رفع التعرفة الشهر المُقبل واقع حتماً.
نخلة أشار إلى أنه خلال الفترة التي سبقت رفع الدعم عن المحروقات، كان النقاش يحتدم بين الوزارة وأصحاب المولدات في شأن الفجوة الكبيرة بين التسعيرة وكلفة المازوت في السوق السوداء، «أما اليوم، ومع رفع الدعم، فإن الفجوة بسيطة بين التسعيرتين»، مشدداً على ضرورة تركيب العدادات لأن «ما يحصل هو بمثابة سرقة موصوفة».



تسعيرة الوزارة
حدّدت وزارة الطاقة والمياه مطلع الشهر الجاري «السعر العادل» لتعرفات المولدات الكهربائية الخاصة عن شهر تشرين الأول بـ5200 ليرة عن كل كيلواط ساعة، على أن تكون الكلفة المترتبة على المشتركين بالعدّادات في المدن أو التجمعات المكتظة، أو على ارتفاع أقل من 700 متر، محدّدة كالتالي:
- قدرة 5 أمبير: 30.000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية * 5.200 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
- قدرة 10 أمبير: 60.000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية * 5.200 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
وفي ما يتعلق بالمشتركين في العدّادات في القرى أو المناطق المتباعدة أو على ارتفاع أكثر من 700 متر، فحُددت الكلفة كالآتي:
- قدرة 5 أمبير : 30000 ل.ل. (ثابت) + المقطوعية الشهرية * 5.717 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
- قدرة 10 أمبير : 60000 ل.ل. (ثابت) + المقطوعية الشهرية * 5.717 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
وتضاف 30.000 ليرة على الشطر الثابت من تسعيرة العدادات لكل 5 أمبير إضافي. وأوضحت الوزارة أن «هذه التعرفة مبنية على أساس سعر وسطي لصفيحة المازوت (20 ليتراً) لشهر تشرين الأول البالغ 244.755 ل.ل. وذلك بعد احتساب مصاريف وفوائد وأكلاف المولدات كافة، بالإضافة إلى هامش ربح جيد لأصحابها، وقد أخذنا في الاعتبار وبالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة كلفة توزيع الصفيحة من محطة الوقود ولغاية المولد». ودعت أصحاب المولّدات «إلى الالتزام بقرار وزارة الاقتصاد والتجارة القاضي بإلزامية تركيب العدادات»، لافتةً إلى أنها «ستُجري دراسة موثقة بهذا الصدد في الفترة المقبلة، وصولاً إلى تحديث المعادلة المعتمدة لكي تتناسب أكثر فأكثر مع تقلّبات أسعار الصرف والوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، مع الأخذ في الاعتبار متطلبات أصحاب المولدات الخاصة».