كلّ الأجواء في طرابلس، ليل أمس، كانت توحي بأنّ اليوم لن يكون عادياً في المدينة، في ضوء الدعوات والتحضيرات إلى الإضراب والاعتصام وقطع الطرقات وإقفال مدارس ومؤسّسات رسمية وخاصّة، احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية.

التحركات بدأت مساء عندما اقتحم عدد من ​المواطنين​ مكاتب ​شركة كهرباء قاديشا​ في طرابلس​، احتجاجاً على انقطاع التيّار الكهربائي بشكل شبه دائم عن منازلهم ومحالهم​، وطلبوا من ​الموظفين​ إعادة التيّار إلى كلّ أحياء المدينة، في موازاة قطع شبان طرقات عدة في المدينة، مثل طريق المشروع عند محلة القلعة الذي يربط بين منطقة القبّة مع بقية أحياء طرابلس بالإطارات المشتعلة، وطريق شارع الأرز في القبّة بالقرب من موقف زغرتا وأوتوستراد باب التبّانة.
فما كاد ينبلج صباح اليوم وتشرق شمسه، حتى بدا وكأنّ أمر عمليات قد أُعطي من أجل إقفال جميع الشّوارع والسّاحات الرئيسية في طرابلس، وإغلاق جميع مداخلها بلا استثناء، بالسّيارات والإطارات المشتعلة والحجارة وحاويات النّفايات، ما قطع أوصال المدينة كافة، وأجبر الجامعات والمدارس والمعاهد الرسمية والخاصة على إقفال أبوابها وتوقيف الدروس فيها قسراً، وكذلك قطع الطرق الرئيسية التي تربط طرابلس بمناطق الجوار، وتحديداً باتجاه عكّار والحدود الشمالية في أكثر من نقطة، وكذلك التي تربطها بالعاصمة بيروت.

داخل المدينة، كان المحتجّون الذين يتنقلون على درّاجاتهم النّارية، وسط هتافات وصيحات غضب، قد سدّوا المنافذ التسعة لساحة عبد الحميد كرامي كلها، وكذلك أغلقوا تقاطع شارع المصارف وشارع عزمي وإشارة المئتين، إضافة إلى دوّار أبو علي والقبّة، وقاموا بإحراق إطارات السّيارات ما جعل الدّخان الأسود يغطّي أغلب مناطق المدينة الداخلية، امتداداً إلى مداخلها الشّمالية والجنوبية.

المشهد لم يختلف كثيراً عند مدخل طرابلس الشّمالي لجهة البداوي، حيث قطعت الطريق الدولية في أكثر من نقطة، عند محطة أكومة للمحروقات وتحت جسر المشاة وكذلك الطريق البحري في الاتجاهين، وصولاً إلى منطقة المنية التي قطع المحتجّون طريقها الدولي أمام فرع بنك البحر المتوسط.

وعند المدخل الجنوبي كان المشهد مماثلاً. فقد قام محتجّون بقطع الطريق في محلة البحصاص وعند نقطة البالما وصولاً إلى طريق شكّا ـ الهري، ما أجبر السّائقين على التوجّه نحو الطرقات الفرعية أو طريق طرابلس ـ بيروت البحرية القديمة التي شهدت ازدحاماً خانقاً لحركة السير، في حين كان الجيش اللبناني يتدخل في أكثر من نقطة لإعادة فتح الطرقات مجدّداً.

وسط هذه الأجواء المتوترة التي جعلت طرابلس تعيش شللاً كاملاً، كانت دعوات تصدر عن بعض مجموعات المحتجين تدعو إلى التوجّه نحو منازل وزراء ونوّاب المدينة للاعتصام أمامها، وصولاً إلى حدّ تلويح البعض باقتحامها وإحراقها.