حطّ الأب نعمة أبو رحال رحاله في ثرى الكفير، ليرتاح بعد 74 عاماً طحنها بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومقاومة التهميش والحرمان عن حاصبيا.
منذ عقود، تنقّل بين هضاب حرمون يدرّس مادة الجغرافيا في مدارس قصنريا، حاصيا وشويا، ليعيّن عام 1975 مديراً لمدرسة الكفير الرسمية.

الكاهن الأرثوذكسي انتسب إلى الحزب التقدّمي الاشتراكي عام 1976، وانخرط في بيئته يحمل همّ ناسه ويحلّ الخلافات فيما بينهم ويؤسّس أولى التعاونيات الاستهلاكية في حاصبيا عام 1975.

وعلى خطى ابنة بلدته، إميلي نصر الله، تميّز بتجذّره في أرضه، وانتصاره للمسائل الوطنية حتّى مماته. وقف مع الوطنيّين في المنطقة سدّاً منيعاً في وجه الاحتلال اليهودي لجنوب لبنان، وبقي ثابتاً في بلدته رغم كلّ الضغوطات التي مارسها المحتلّون وشعبهم الأمنية عليه، لا يُهادن ولا يُساوم.

أسعف ضحايا القصف الإسرائيلي لبلدة الكفير إلى مستشفيات زحلة، متحدّياً حواجز الاحتلال وعملائه.

لم يثنهِ عمله التربوي عن واجبه الديني، ليتّجه إلى الحياة الكنسية، لينصّب على رأس الكنيسة الأورثوذوكسية، أعطى الأطفال كفاف اهتمامه، ولم تغب فلسطين والمقاومة عن أحاديثه اليومية وعظاته الدينية.

«الأبونا» خال الشهيد الزميل في جريدة الأخبار، عسّاف أبو رحال، والذي قضى أثناء أحداث شجرة العديسة عام 2010.

بخسارته، فقدت منطقة حاصبيا سنديانة عميقة الجذور الوطنية، ورجلاً بصم في الذاكرة الاجتماعية الوطنية بأحرف النور.