أكثر من 40 ساعة متواصلة استغرقتها فرق الإطفاء للسيطرة على حريق معمل «النساجون اللبنانيون» لصاحبه حسين قبلان في بلدة زفتا قضاء النبطية، وأكثر من 35 سيارة إطفاء تابعة للمديرية العامة للدفاع المدني، بالإضافة إلى آليات من الجمعيات الصحية واتحادات البلديات واليونيفل وطوافات من الجيش اللبناني، لم تفلح جميعها في إخماد ألسنة النيران التي التهمت الآلات والمعدات والسجاد، حتى إنّ الحجر انهار أمام قوة النيران.
كارثة وخسارة كبيرتان حلّتا بالمعمل، كما يقول صاحبه لـ«الأخبار»، فرغم جهود عناصر الدفاع المدني «فإنّ نوعية المعدات القديمة وعدم توافر معدات حديثة لإخماد حرائق من هذا النوع أخّرت عملية الإطفاء، خصوصاً أنّ المواد الأوّلية التي تدخل في صناعة السجاد هي بترولية، ولو توافرت الإمكانات، لاقتصر الحريق على المعمل وتمّ تجنيب وحماية المستودعات من الحريق».

ويرجّح قبلان أن يكون سبب الحريق احتكاك كهربائي «ولكن نحن بانتظار تحقيق الخبراء والمعنيين»، ويشير إلى أنّ «المبنى مجهّز بإجراءات السلامة ولكن لم تكن كافية، وكان الحريق أسرع، وانتقل عبر المصعد إلى الطوابق العلوية حيث المستودعات». ويؤكد أنّ تكلفة التأمين العالية بـ«الفريش دولار» دفعهم إلى تخفيض قيمة التأمين.

وعن إمكانية إعادة إحياء المعمل، يربط قبلان ذلك بهمّة الدولة «فعلى الدولة مسؤولية دعم الصناعة ولا سيّما عبر قروض ميسّرة طويلة الأمد وإعفاء الصناعيين من الضرائب»، ويقول إنّ «الدولة لا تساعدنا بل تحاربنا».

صعوبة في عمليات الإطفاء
واجهت عملية إطفاء الحريق مشكلات عديدة جراء وجود كميات ضخمة من المواد البترولية التي تُستخدم في تصنيع السجاد، إضافة إلى كميات من مواد «الباتكس» والإسفنج.

ويؤكد رئيس عمليات الدفاع المدني، منصور سرور، لـ«الأخبار» أنّ «حوالى 37 سيارة من الدفاع المدني شاركت في عمليات الإطفاء، بالإضافة إلى ما يقرب من 130 عنصراً تعاونوا مع عناصر من الجيش اللبناني الذي أرسل طوافات للمساعدة على إخماد النيران، وعدد كبير من المتطوّعين»، لافتاً إلى أنّ «الحريق الذي اندلع في المعمل اتّسع بسرعة كبيرة وانتقل إلى الطبقات العلوية عبر المصعد، ما صعّب عملية الإطفاء، فتمّت الاستعانة بالسلالم للعمل من خارج المبنى»، ويشير إلى أنّه «بعد الانتهاء وتأمين سلامة المعدات قامت فرق الدفاع المدني ليل السبت الأحد بمحاصرة النيران واستمرت عمليات الإطفاء حتى الساعة السابعة من صباح الأحد حيث تمّت السيطرة عليها وحصرها بالطوابق العليا التي انهار جزء منها بسبب الحريق».

وقد واجهت فرق الإطفاء صعوبة في تأمين المياه، ما دفع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، جورج بوشكيان، إلى مناشدة بلديات المنطقة واتحاد البلديات لتزويد الدفاع المدني بالمياه لا سيّما بعدما توقّف العديد من الآبار ومصادر المياه عن الضخ بسبب نفاد مادة المازوت، ما أجبر آليات الإطفاء على التوجه إلى منطقة الزهراني لملء خزاناتها، فيما سُجّل تطوّع عدد من أصحاب الصهاريج من أبناء زفتا والبلدات المجاورة في عملية نقل المياه وتوفيرها لسيارات الإطفاء.

وعن إجراءات السلامة في المصانع، أكد بوشكيان أنّ هناك تشديداً من قبل الوزارة لجهة اتخاذ إجراءات السلامة العامة في التراخيص كافة المعطاة لهذه المنشآت الصناعية، وخصوصاً في حال وجود مواد كيميائية في عمليات التصنيع.

وعن معمل «النسّاجون اللبنانيون»، الذي يعتبر من أكبر المصانع في الشرق الأوسط و من أهم المصانع اللبنانية، قال بوشكيان إنّ هذا المعمل «جزء من تاريخنا وتراثنا والجميع متعلق به، وتمّ تشييده أيام الاحتلال الإسرائيلي».

بدوره، أشار وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال، مصطفى بيرم، خلال جولة تفقّدية له في المعمل إلى أنه يسعى إلى تأمين وظائف ولو مؤقتة واستثنائية لموظفي المعمل.