لا تشبه غنوة علاوي (41 عاماً)، التي أضحى اسمها يتصدّر منصات التواصل الاجتماعي، أيّ امرأة أخرى سبق أن تعرّضت للعنف الأسري في لبنان. فمنذ انتشار فيديو تعذيبها على يد زوجها إعلامياً، وصور الكدمات على أنحاء جسدها، عادت السيدة اللبنانية مجدداً إلى الواجهة، لتظهر إلى العلن بصوتها وبصورتها ضمن شريط نشرته عائلتها دعت فيه النساء أن لا يصمتن عن حقّهن ويثرن على معنّفيهنّ.فبعد حملات مناصرة إلكترونية متكرّرة على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم «#غنوة_بخطر»، تقاطعت مع جرائم عنف أسري أخرى، آخرها تلك التي أودت بحياة الشابة هناء خضر التي أُحرقت على يد زوجها وأُجبرت على إجهاض جنينها في الشهر الخامس، تمكّنت غنوة من تحويل ما حصل معها إلى قضية رأي عام. فقد استعانت الناشطة سابقاً باسم مستعار على تويتر، بالمنصات الافتراضية وأدواتها لتحقيق المناصرة المطلوبة.
لكن ما الذي دفع بعلاوي أن تخرج عن صمتها؟ وكيف استعادت قوتها لتدعو النساء المعنّفات أن لا يصمتن، وليصلن في نهاية المطاف إلى إنهاء كلّ أشكال العنف التي يتعرّضن لها؟
سؤال وجّهناه إلى غنوة، التي شرحت في اتصال مع «الأخبار»، بأن الدافع الأساسي لحركتها اليوم، كان عودتها من الموت وإعطاء الحياة لها فرصة جديدة. «انكتبلي عمر جديد» تقول، بعد فشل أربع محاولات انتحار قامت بها، ووصولها إلى محطة فاصلة غيّرت مسار أدائها طيلة 14 عاماً عاشتها في البيت الزوجي، رضخت خلالها لأولادها الثلاثة الرافضين مضيّها في إشهار ما يحصل معها كما تقول.
علاوي أقرّت بأن اللجوء الى الانتحار كان قراراً خاطئاً، والحل يكمن في تنفيذ القانون بحق زوجها ع.ط. الذي ينتمي إلى قوى «الأمن الداخلي» برتبة معاون أول، والموقوف حالياً في فصيلة سراي «البترون»، في انتظار انتهاء اعتكاف القضاة الذي بدأ أول من أمس. وعلى الرغم من انعدام ثقتها بمجريات الأحكام القضائية في قضايا جرائم العنف الأسري، إلا أن علاوي تصرّ على استكمال قضيتها مستندة إلى دعم أفراد عائلتها الذين تجنّدوا أخيراً على «السوشل ميديا» لمساندتها ونشر قصتها، ومناشدة المعنيين إنصافها. ويبقى خوفها، كما تقول لنا، من إخلاء سبيل زوجها، أو تخفيف الحكم عنه، واعتبار أن ما قام به يستدعي «عقوبة مسلكية» فقط. برأيها، حتى لو كان مصيرها الموت، همّها اليوم بات حماية باقي النساء المعنّفات، وحثهنّ على المجاهرة بما تعرّضن له من تعذيب حتى لو وصمن بـ«الاضطراب النفسي والعقلي» كما حالتها اليوم.
طلبت غنوة علاوي اليوم الحماية القضائية، عبر محاميها مصطفى عكاري. حماية كان قد أقرّها «قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري» (2014)، والتي بموجبها يحقّ للمرأة المعنّفة طلب تدابير خاصة لحمايتها وخاصة إذا كانت تعرّضت سابقاً للعنف. حماية لم تحصل عليها علاوي اليوم، بسبب اعتكاف القضاة، لكنّ محاميها يؤكد لنا أن القرار يمكن أن يُبتّ به من قبل قضاء الأمور المستعجلة يوم الإثنين القادم بسبب التعاطف الذي لاقته وخاصة بعد مشاهدة فيديو التعنيف. يسعى عكاري اليوم إلى الاستحصال على قرار الحماية واستعادة الزوجة لأغراضها الشخصية، وأيضاً إعادة احتضان أولادها الموجودين حالياً في منزل ذوي الزوج.