يكاد يوم لا يمر، من دون تناقل خبر توقيف مراكب الهجرة غير الشرعية التي تحاول مغادرة الأراضي اللبنانية عبر البحر قبالة شاطئ العريضة في عكار. فصول المراكب مستمرة، وفصول المآسي تتكرر من دون أن يعتبر الأهالي من القصص اليومية التي يشاهدونها ويسمعونها، فيلقون بأنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم في البحر. لم يأخذوا العبرة من مأساة غرق الزورق في طرابلس الذي أدمى قلوب كل اللبنانيين، ولا من تناتش الملف الذي حال لغاية اليوم دون انتشال الجثث من البحر.
لم يعتبروا من عمليات الكر والفر التي تقوم بها القوى الأمنية على مدار ساعات الليل في محاولة لتوقيف المهربين، وبعد يوم واحد فقط من تمكن الجيش اللبناني من إنقاذ مركب تعرض للانقلاب بعد أقل من نصف ساعة على انطلاقه وذلك خلال ساعات الفجر الأولى من نهار الخميس الفائت، عند محاولته مغادرة الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية. ورغم مشاهدتهم للفيديو وهم يخرجون من البحر بطريقة مذلّة، إلا أنهم استمروا في التخطيط للهرب وتمكنوا ليل الجمعة من مغادرة المياه الإقليمية اللبنانية باتجاه إيطاليا وكأنهم يستسهلون الموت ويلقون بأنفسهم للتهلكة!

لم تحل الإجراءات الأمنية دون تمكن أحد الزوارق من مغادرة المياه الإقليمية اللبنانية ليل الجمعة الفائت، حيث أفيد بأن أحد المهربين تمكن من تأمين مغادرة 65 شخصاً على متن زورق غير مجهز، ومع صعوبة بلوغ الأراضي الإيطالية، أطلق المهاجرون صرخة، مطالبين المساعدة.

ويؤكد المهاجرون الذين تواصلوا مع عائلاتهم في عكار طالبين المساعدة لإنقاذهم، بأنهم عالقون في عرض البحر بالمياه الإقليمية الدولية قرب جزيرة مالطا، ومعهم أطفال ونساء حوامل أنجبت في الزورق من شدّة الخوف، مؤكدين أنهم تواصلوا مع السفارة الإيطالية ولكن من دون جدوى، وناشدوا السلطات اللبنانية والإيطالية التدخل لمساعدتهم ومنع غرقهم.

وأشار ذوو المهاجرين وهم من بلدة ببنين، إلى أن أوضاعهم صعبة للغاية وهناك مرضى أمراض مزمنة أصيبوا بالإغماء، مؤكدين أن الظروف الصعبة دفعت بهم للمغادرة وأن هناك «تسهيلات ومغريات من قبل السماسرة لتأمين مغادرتهم، ولكن سرعان ما يتضح أن الأمور مبالغ بها وأنهم يعرضون حياتهم للخطر".

وفي سياق متصل، أفادت مصادر أمنية «للأخبار»، بأن «عمليات المغادرة بطريقة غير شرعية تحصل بشكل شبه يومي وبخاصة من شواطئ العريضة والشيخ زناد في عكار، وذلك رغم تشديد الرقابة عليها من قبل القوى الأمنية والجيش اللبناني، ولكن الأمور غير مضبوطة نظراً لاتساع الشاطئ ولمعرفة المهربين من أبناء المنطقة بجميع المنافذ»، مبينةً أن «العملية الأخيرة أسفرت عن توقيف المدعو ع. ص. وهو من بلدة ببنين والتحقيقات مستمرة لمعرفة بقية المهربين والسماسرة».