ربطت الدعوة لحفل توقيع كتاب «علي أيوب، مقاوم عابر لمساحات الوطن»، بالذكرى الأربعين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. لكن أبو حسن أكبر من «جمّول» بعشر سنوات وثمانية أشهر. فهو قبل استشهاده في 25 شباط 1972 خلال التصدّي للعدوان الإسرائيلي على بلدته عيناتا، كان قد شارك بتأسيس «الحرس الشعبي» و«قوات الأنصار»، اللذين شكلا نواة العمل العسكري للدفاع عن البلدات الحدودية الجنوبية.
اليوم في مبنى «جريدة السفير»، تحلق حول ابنته خديجة، جامعة الكتاب، وابنه الزميل حسين، كثر يحاولون جمع سيرة علي أيوب. عند استشهاده، لم تملك خديجة من والدها سوى صورة شمسية حملتها في جنازته. على مرّ السنوات، صار علي كتاباً وأغنية بعدما خلّدته الرصاصات الثلاثين التي وجدت بجانب جثته في كروم عيناتا وهو يقارع دبابات العدو. خديحة وحسين يحاولان كالآخرين تركيب المشهد الكامل من مرويات من عايشه منذ نشأته في عيناتا، إلى عمله في حيفا ومشاركته في التصدّي لعصابات الهاغاناه قبل نكبة فلسطين ثم في ثورة العام 1958 في بيروت، قبل أن يعود إلى عيناتا عام 1959 للتفرّغ للعمل الحزبي الشيوعي ثم المقاومة المسلحة.

مزدحمة كانت سنواته السبع والأربعين حتى غدا أيقونة في حناجر الشيوعيين يرددونها في تظاهراتهم: «علي أيوب شعلة بعدا مضواية»، وفي أغنية «أهل الجنوب» لمارسيل خليفة.

برغم السنوات الخمسين، لا يزال علي أيوب عصياً على التناسي على غرار عساف الصباغ الشهيد الشيوعي الأول بوجه الصهاينة. له في بيروت والجنوب حكايا كثيرة ما بين مطعمه "الجنوب" في برج حمود إلى دكانه في عيناتا. وكلاهما استخدمهما مركزاً حزبياً ومستودع أسلحة وميدان تدريب، لأن القوت ممزوج لديه بالكرامة.

خلال المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي عام 1968، تقرّر تأسيس منظمة الحرس الشعبي. أولى المواجهات كانت في 1 كانون الثاني 1969 بقيادة أبو حسن. وفي المؤتمر الثالث عام 1972، كان مندوب عيناتا. بعد شهر من المؤتمر، اجتاح العدو بلدته بحثاً عن الفدائيين. وفجر 25 شباط 1972، لبس أيوب بدلته الفيتنامية وحرسه الشعبي وقوات أنصاره وانتعل حذاءه العسكري في قدمه اليسرى وحذاء بلاستيكياً خفيفاً في قدمه اليمنى التي كانت محروقة. توجه نحو العدو. في طريقه، التقى بنجمة سعد شقيقة الشهيد الأخضر العربي، متوجهة بزيها العسكري للتصدي للعدوان. جزم لها بأن الصهاينة "ما رح يفوتوا إلا على جثثنا". وهكذا كان.