نجحت روز بشارة بيريني، وخلال عام واحد فقط، في إيصال زيت الزيتون اللبناني إلى العالميّة، لتحصد علامتها التجاريّة Darmmess أرفع الجوائز على مستوى العالم في مسابقات متعدّدة وفي مواجهة مئات العلامات التجاريّة. وُلدت روز وترعرعت بين الزيتون في قرية دير ميماس الجنوبية التي تزيّنها حوالى 150 ألف شجرة زيتون، والتي يُعرف زيت زيتونها بـBordeaux زيت الزيتون اللبناني، نسبةً إلى المدينة الفرنسية المشهورة بنبيذها الفاخر. أدركت روز مبكراً الإمكانات الهائلة التي تختزنها قريتها الصغيرة، وأن زيتونها قادر على التألق عالمياً فيما لو جرى استثماره بشكل جيد ووفق طرق حديثة تسمح باستخراج أفضل ما فيه.
درست روز وعملت في مجال التسويق، لكنّ حلمها ومنذ سنٍّ مبكرة «كان أن أطلق علامتي التجاريّة في زيت الزيتون من دير ميماس، وكنت على قناعة بأنني قادرة على المنافسة من حيث النوعية على مستوى العالم لمعرفتي بالخصائص المميّزة التي تتمتع بها القرية والمثاليّة لإنتاج زيت الزيتون الفاخر وأبرزها: عمر الزيتون الذي يلامس 2000 سنة، ومناخ القرية وارتفاعها عن سطح البحر حوالى 600 متر».
النجاح على مستوى العالميّة كان يتطلب تعديلاً في طريقة الإنتاج التقليديّة المتّبعة في القرية وفي عموم لبنان منذ مئات السنين، وهو ما فرض على روز التعمّق في الأبحاث لمحاولة استكشاف الطريقة المثلى للإنتاج وذلك مسار بدأته عام 2017 إلى أن أصبحت جاهزة لإطلاق علامتها التجاريّة عام 2019.

عوامل النجاح
تشرح روز أن إنتاج زيت زيتون العالي الجودة وعلى مستوى عالمي يتطلب توافر عدة عوامل منها:
-القطاف الباكر في أوائل شهر تشرين الأول، ما يمنح زيت الزيتون نوعية عالية. وفي لبنان يبدأون عادةً في قطف الزيتون في أواخر شهر تشرين الأول لأن حص الزيتون في هذه الفترة يكون أكبر، لكنه فعلياً يمتلئ بالماء وليس بالزيت.
-استخدام صنف زيتون واحد، وهو الزيتون الصوري الذي يعود أصله إلى مدينة صور، وهو من أجود أنواع الزيتون.
-تعريب الزيتون، بحيث نستغني عن حصوص الزيتون السوداء واليابسة والمسوّسة التي تؤثر سلباً في نوعية الزيت وترفع من معدلات الحموضة فيه.
-العصر السريع فور الانتهاء من القطاف في معصرة عضوية حديثة، بحيث لا يتأثر الزيت بالهواء والحرارة والماء.
-فلترة الزيت فوراً وتعبئته في الزجاجات.

ميداليات ذهبية وفضية
بعد عام فقط من تأسيس علامتها التجاريّة حاز زيت زيتون Darmmess على الميدالية الذهبيّة في مسابقة IOOC الدوليّة في إيطاليا والميدالية الفضيّة في مسابقة JOOP الدوليّة في اليابان. «ومنذ عام 2020-2021 فإن 80% من إنتاجنا تُصدر إلى خارج لبنان وأصبحت علامتنا التجاريّة موجودة في 16 دولة حول العالم». ولأن أصعب ما في النجاح هو الاستمرارية لم تكتف روز بما تحقق، بل واصلت الغوص في عالم الزيتون لاستكشاف كل جديد، و«تبيّن لي وجود فئة جديدة للمنافسة أُطلقت حديثاً وتُعرف باسم High Phenolic Olive Oil أي زيت الزيتون لمضادات الأكسدة، 10% فقط من زيت الزيتون في العالم تُصنّف ضمن هذه الفئة. فقررت أن أغيّر طريقة الإنتاج عام 2021 لتتناسب ومعايير هذه الفئة وفزنا بالجائزة الفضية عن هذه الفئة من قبل The Health & Nutrition Awards Committee العام الحالي. ومعنى هذا المعيار هو أن زيت زيتون Darmmess يُعتبر مكمّلاً غذائياً طبيعياً وصحياً، وتناول ملعقتين منه يومياً يساعد على محاربة الأمراض المستعصية». كذلك حصد زيت زيتون Darmmess مجدّداً العام الجاري الميدالية الذهبية في مسابقة IOOC الدوليّة في إيطاليا.

دعم المزارعين
تتحدث روز كيف أنها تسعى من خلال عملها إلى نشر الخبرة والمعرفة اللتين اكتسبتهما مع المزارعين في دير ميماس «الذين أشتري منهم المحصول بأسعار عالية جداً ليتمكنوا من الصمود وعدم ترك الأرض، إضافة إلى منحهم الاستشارة التقنية اللازمة لتحسين زراعتهم وإنتاجهم والعمل عضوياً بأقل كلفة ممكنة وأفضل طريقة». وتؤكد أن «زيت الزيتون اللبناني يتمتع بخصائص ممتازة وقادر على المنافسة عالمياً فيما لو تمّ العمل بشكل صحيح، كوننا غير قادرين على منافسة باقي الدول إلا من حيث النوعية وليس من حيث السعر نظراً إلى ضعف إنتاجنا».
المميّز في تجربة روز أيضاً يكمن في أنها امرأة اقتحمت قطاعاً يهيمن عليه الرجال تاريخياً. وهي تعترف بأن عمل المرأة في هذا المجال ليس بالأمر السهل وخاصة من الناحية الجسديّة، و«الكثير من الناس، ومنهم أمي، لم يصدقوني حين قررت خوض هذا المعترك. ولكنّ قطاع زيت الزيتون بات يستقطب نساء أكثر وأكثر من حول العالم، ومن هذا المنطلق أنا أمثل لبنان في منظمة غير حكوميّة عالميّة اسمها Women In Olive Oil وتضمّ نحو 2000 سيدة من نحو 60 بلداً حول العالم، ومن مَهامها نشر المعرفة حول زيت الزيتون في مجتمعاتنا ومشاركة تجاربنا والمساعدة في تمكين النساء في هذا المجال».