نُقل مساء أمس 14 مسنّاً من مركز الخدمات الاجتماعية لرعاية المسنين ـ دار العجزة الكائن في محلة أبي سمراء بمدينة طرابلس إلى المستشفى الحكومي في محلة القبّة بالمدينة، بعدما أصيبوا بحالات إسهال وتقيّؤ، عبر سيّارات إسعاف تابعة لجهاز الطوارىء والإغاثة، وقد تبيّن أنّهم مصابون بمرض الكوليرا، وأنّ 5 منهم جرى وضعهم في غرف العناية الفائقة بسبب خطورة وضعهم الصحّي، بانتظار صدور نتائح الفحوص المخبرية التي أخضعوا لها لمعرفة كيفية إصابتهم بالمرض.
وأوضح مدير المستشفى الحكومي، ناصر عدرة، الذي أكّد النبأ، أنّه «تمّ وضع المسنين المرضى في غرف معزولة، ونحن نتعامل معهم على أساس أنّهم مصابون بمرض الكوليرا»، موضحاً أنّ الفحوص المخبرية «التي أُجريت لهم أمس ستصدر اليوم، وعلى ضوئها ستعرف أسباب إصابتهم، إنْ كانت تسمّماً نتيجة تناولهم نوعاً معيّناً من الطعام، أو بسبب تلوّث مياه الشّرب».

ودفع هذا التطوّر الصحّي الخطير، الذي طرح علامات استفهام عديدة حول مستوى الخدمات الطبية في دور الرعاية الصحية والاجتماعية المختلفة في طرابلس، والرقابة عليها، بإدارة مركز الخدمات الاجتماعية إلى الاتصال بمسؤولي مصلحة الصحّة في الشّمال وبمسؤولين في وزارة الصحّة، بهدف التنسيق والمتابعة والوقوف على سبب الإصابات. وأفيد أنّه جرى على الفور التنسيق مع مصلحة الصحّة من أجل إجراء كشف عام في المركز بانتظار نتائج الفحوص المخبرية، كما جرى إخضاع باقي المسنين فيه، الذين يُقدّر عددهم بنحو 300، لنيل لقاح مضاد لمرض الكوليرا بمشاركة عناصر من الصليب الأحمر اللبناني.

وفي حين أشارت مصادر في المركز لـ«الأخبار» إلى أنّ إدارته «ستصدر بياناً توضيحياً حول ما حصل بعد توافر المعطيات، وستعمد إلى متابعة أسباب الإصابات ومعالجتها، منعاً لانتشار العدوى أو تجدّد أيّ مظاهر مرضية مشابهة في صفوف المسنين الموجودين في المركز»، أعلنت وزارة الصحة أمس أنّه «فور ورود أنباء عن تسجيل بعض حالات الإسهال في المركز توجّه إلى المكان فريق من برنامج الترصّد الوبائي وفريق صحّي للتدخل الطارئ، بمواكبة كلّ من رئيس مصلحة الصحّة في الشمال الدكتور سعد صابونة وطبيب قضاء طرابلس الدكتور ربيع أمون، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني الذي أوفد فريقين». وأوضحت أنّ فريقها «بدأ على الفور بإجراء الفحوصات السّريعة اللازمة، حيث تبيّن وجود إصابات بالكوليرا. وبالتوازي قامت الفرق المعنية بتصنيف المرضى، وتمّ عزل من كانت لديه عوارض إسهال عن باقي المسنين. وقد تمّ نقل 14 شخصاً إلى مستشفى طرابلس الحكومي كإجراء وقائي واستباقي، منعاً لأيّ تدهور في وضعهم الصحّي، علماً أنّ حالة كلّ هؤلاء مستقرة، أمّا الباقون الذي لم يظهر عليهم أيّ عوارض إصابة، وعددهم يفوق مئتين وخمسين شخصاً، فقد بدأت عملية تلقيحهم المستمرة حتى إنهاء المهمة». وأشارت إلى أنّها فريقها قام، بالتعاون مع مسؤول مختبر الصحّة والبيئة في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الثالث الدكتور منذر حمزة، «بأخذ عينات من المياه والطعام المستخدمين في المركز لفحصها، وسوف تعلن نتائج الفحوص فور صدورها للتأكّد من مصدر الإصابات بمرض الكوليرا».

وبانتظار صدور النتائج، نبّهت وزارة الصحّة إلى أنّه «يهمّها التأكيد أنّ وباء الكوليرا لم ينتهِ بعد، وقد يظهر في أيّ بؤرة وبائية، برغم أنّ الجهود التي اتخذتها الوزارة طيلة الشّهرين الماضيين أدّت إلى احتوائه إلى حدّ كبير. ولكن من الضروري الحذر وعدم إهمال الإجراءات الوقائية، واستخدام المياه النظيفة والخضار المعقمة، والإسراع في تلقي اللقاح، لا سيّما في المناطق المستهدفة في المرحلتين الأولى والثانية». وذكّرت «الجهات المعنية كافّة بالعمل على إرساء حلول سريعة وناجعة لتأمين المياه النظيفة وتكرير مياه الصرف الصحي وضمان عدم اختلاط المياه الآسنة بالمياه المستخدمة، لأنّ مواجهة الكوليرا مسؤولية مشتركة، وتتطلب معالجة الأسباب وليس فقط النتائج».