لم يملك حسين البعريني خيارات عدة لتحرير جثمان طفله حديث الولادة من براد مستشفى الحبتور في بلدة حرار العكارية. ابن فنيدق ترك مفاتيح سيارته في المستشفى لاستكمال ثمن الفاتورة البالغة 2400 دولار. هكذا انتهت المفاوضات بين البعريني الذي يعمل ناطوراً في ثانوية فنيدق الرسمية، وبين إدارة المستشفى، رغم أن الوالد المفجوع تعهد بتسديد المبلغ خلال أيام.صباح أمس، تبلغ البعريني بوفاة طفله بعدما قبع 24 يوماً في الحاضنة. «عندما ذهبت لاستلام جثمانه كان في حوزتي 400 دولار. فيما كانت الفاتورة 2400 دولار» يوضح البعريني لـ«الأخبار». لم تسفر اتصالاته عن تأمين مبالغ إضافية «عندها سألتني الموظفة س. م. إذا كنت أملك سيارة، واستفسرت عن نوعها ثم استشارت الطبيب م. ع. الذي قام بتخمين سعرها وقرّر أنها تساوي ألفي دولار. وبناء على ذلك وقعت على تسليم السيارة واستلمت الجثمان وعدت سيراً على الأقدام حتى الطريق العام ومنها استقللت سيارة أجرة إلى مدافن العائلة في فنيدق».
«الأخبار» تواصلت مع رئيس قسم الطوارئ الطبيب معن محمود، الذي خمّن ثمن السيارة بحسب البعريني فأوضح «كنت موجوداً بالصدفة وسمعت نقاشاً بين الموظفة والوالد الذي عرض إبقاء السيارة في المستشفى لمدة 48 ساعة لحين تأمين المبلغ وعندها سألني، ما رأيك يا دكتور، ألا تساوي سيارتي مبلغ ألفين وخمسين دولار؟ أنا لم يكن يهمني المبلغ الذي يجب دفعه للمستشفى بل كان يهمني حلّ المشكلة، ولم تكن مهمتي تخمين السيارة وهي أصلاً مهترئة ولا تساوي هذا المبلغ وإنما أردت الحل والوقوف إلى جانبه بما أنه هو من عرض. فأجبته نعم، واستند إلى كلامي لإبقاء السيارة والرحيل».
من جهتها أوضحت الموظفة أنها سبق وأن ساعدت المريض «وأمنت له مبلغ 350 دولاراً عبر إحدى الجمعيات، مؤكدة أنه هو من عرض هذا الحل وغادر متفهماً وراضياً بما جرى».
الغضب الذي أثارته الحادثة بعد انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت ببعض الشبان إلى إطلاق النار على المستشفى بهدف مصادرة مفاتيح سيارة البعريني. كما دفع برجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، الذي تبرّع ببنائه إلى التغريد على حسابه على «تويتر»: نحن ندعم مستشفى خلف الحبتور في حرار لخدمة أهلنا في عكار، إلا أننا نرفض أيّ تصرف يبدي المصلحة على المواقف الإنسانية ونطلب التوضيح من إدارة المستشفى المستقلة والمسؤولة أمام الله والناس.
هي ليست المرة الأولى، التي ترتفع فيها الشكوى من مستشفى الحبتور وتعاطيه اللاإنساني مع المرضى، ولا يشفع لفقراء الحال أنّه تابع مباشرة لصندوق الزكاة في دار الفتوى في بيروت.