كما غابت زينة الميلاد منذ أيام، تغيب أيضاً زينة رأس السنة عن شوارع طرابلس وعكار وساحاتها، بخلاف السنوات السابقة التي كانت الطرقات فيها تتزين قبل حلول رأس السنة بشهر. كلّ هذه المظاهر غابت، في ظلّ افتقاد المجالس البلدية للتمويل الذي كانت تنفقه على زينة الأعياد. حتى أصحاب المصالح الاقتصادية غابوا عن المساهمة في زينة العيد، وحتى إذا وُجدت الزينة فلا كهرباء لإضاءتها.لا شيء يوحي للداخل إلى طرابلس أن المدينة تعيش أجواء عيد، كذلك هي مناطق البداوي والمنية وعكار. شوارع مظلمة ومحلات مغلقة وحركة سير أقلّ من طبيعية. فمنطقة المنية، وهي منطقة مختلطة بين المسيحيين والمسلمين، كانت تحرص على تزيين الشوارع، أما الاحتفالات فكانت تقتصر على بضعة مطاعم لأن وجهة معظم الراغبين بالسهر كانت مطاعم طرابلس والبترون، أو حتى زغرتا وإهدن. إلا أنّ وجهة هؤلاء تغيّرت اليوم لسببين. الأول، الفورة العمرانية التي عاشتها منطقة المنية وما رافقها من إنشاء عشرات المطاعم والفنادق جبلاً وبحراً، والثاني الأزمة الاقتصادية الخانقة.
سليم، 35 عاماً، غالباً ما كان يقضي سهرات رأس السنة في مطاعم إهدن، يقول لـ«الأخبار» إن «كلفة السهرة لم تكن تتخطى الـ150 ألف ليرة، أي 100دولار، أما اليوم الوضع اختلف والسهرة أصبحت مكلفة، تبدأ من كلفة التنقل بالسيارة من المنية إلى المطعم في إهدن، أقلّه مليوناً ونصف مليون بدل بنزين، ولن تقلّ كلفة الدخول إلى حفلة فنية عن 20 دولاراً، عدا عن كلفة العشاء».
أما في المنية، فقد بادر عدد من المطاعم إلى الترويج لحفلات فنية مع عدد من الفنانين الصاعدين، ورسم الدخول يبدأ من 10دولارات على الشخص الواحد، فيما الاتكال على وجبات الطعام والأراكيل إذ يبدأ سعر الأركيلة من 150 ألف ليرة.
عكار، كعادتها، تغيب عن سهرات رأس السنة كمثل تلك التي تُقام في طرابلس والمنية، ومعظم من يرغبون بالسهر من أبنائها يتوجّهون إلى مطاعم المنية أو طرابلس، أما النسبة الأكبر من سكان عكار يفضلون السهر في منازلهم وعدم الخروج منها. محمود (27 عاماً) يؤكد لـ«الأخبار» أن لا قدرة مادية له للسهر خارج المنزل وهو يفضّل البقاء إلى جانب عائلته، حتى أن الوضع الأمني لم يعد يسمح لنا بالخروج لوقت متأخّر، حيث تكثر عمليات السرقة على الطرقات.
كلفة السهر داخل المنزل أيضاً ارتفعت. ففي عكار أو المنية تكاد تغيب المشروبات الروحية عن طاولات السهر ليلة رأس السنة، حتى أنّ المقبلات التي كانت توضع على الطاولة أسعارها ارتفعت. فمثلاً كيلو المكسرات العادي وصل سعره إلى 450 ألف ليرة أما المكسرات الإكسترا فقد تخطى سعر الكيلو 650 ألفاً، هذا عدا عن أسعار الفاكهة والعصائر والحلويات التي باتت بحاجة إلى ما يزيد عن مليون ليرة، ويبدأ سعر قالب الحلوى من 600 ألف ليرة وصعوداً.
يؤكد سمير، صاحب مطعم في المنية، أن نسبة الحجوزات لم تتخطّ لديه الـ30%، أما عن الزبائن فمعظمهم من محافظة عكار، «إلا أننا نعوّل على الأيام المتبقية، ندرك أن الوضع صعب على الجميع، لكن في المقابل فإن سعر المازوت هو السبب الرئيس في غلاء الأسعار بالإضافة إلى الارتفاع الكبير والمستمر لكل المنتجات دون استثناء».