لم يكد يصدر المؤشّر الأسبوعي لـ«دولار» الدواء عن وزارة الصحة العامة، حتى توقّفت شركات استيراد الأدوية والمستودعات عن «الفوترة». هي لعبة القط والفأر التي يديرها دولار سوق سوداء، لا يتوقّف اليوم عن التحليق. ففي اللحظة التي كان وزير الصحة العامة، فراس أبيض، يوقّع مؤشر أسعار الدواء على الـ50 ألف ليرة لبنانية، بلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية 51700 ليرة لبنانية، وظلّ يواصل نشاطه حتى لامس أمس الـ54 ألف ليرة.هذه المرة، لم يأت المؤشّر بالفرج معه، إذ بات هامش الفارق بين «الدولارين» كبيراً، ما جعل صدوره بلا قيمة. «كأنه لم يكن»، يقول عدد من الصيادلة الذين فوجئوا بردّ عددٍ كبير من مندوبي شركات الدواء القاضي بالتوقف عن فوترة الطلبيات. ويذكر أحد الصيادلة أنه «بالكاد كنا قد انتهينا من تحضير طلباتنا حتى جاءنا الرد سريعاً من بعض المندوبين في اليوم نفسه لصدور المؤشر بأن لا طلبات الآن». يقارن هذا الأخير بين جرأة الشركات اليوم، وما كانت عليه الحال في تسعينيات القرن الماضي، في عزّ انهيار الليرة اللبنانية «حيث لم يكن هؤلاء يتجرّؤون على التوقف عن قبول الطلبيات، بل جلّ ما كانوا يفعلونه أنهم لا يرسلون إلينا الدواء بل يطلبون منا الذهاب لأخذه منهم».
وكالعادة، لا تنتهي هذه الجولات بلا تبعات، إذ إن الأثر المباشر يظهر من فقدان إضافي في أصناف جديدة من الأدوية «لكون الشركات لم تجب على طلباتنا وما كان موجوداً لدينا بعناه ولا بدائل».
اليوم، لا حلول جذرية للدواء في ظل التبدّلات السريعة في سعر صرف الدولار. وبرغم التعديل الأسبوعي الذي تقوم به وزارة الصحة العامة لأسعار المؤشر، إلا أنها لم تعد قادرة على مواكبة السوق الموازية، وهو ما يدفع باتجاه مطالبات لا تزال خجولة باعتماد مؤشر شبيه بمؤشر المحروقات يتعدّل صعوداً أو نزولاً بحسب تقلبات سعر صرف الدولار.