مقالات مرتبطة
يعني كل ذلك أن الروابط تريد «أخذ الضمانات» بدفع الحوافز لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإنّ بلبلة الحديث عن إمكان إلغاء الامتحانات الرسمية على بعد نحو شهر واحد من انطلاقتها (تبدأ في 6 تموز) ليست في محلها، ولا تنقص طلاب الشهادات في التعليم الرسمي الذين عاشوا عاماً عصيباً، ورُموا في أحضان معاهد خاصة أو أساتذة خصوصيين أو أساتذة استقدمتهم أحزاب سياسية أو بلديات أو جمعيات للتعويض عمّا فاتهم من دروس، وليس معروفاً ما هي القيمة الفعلية للتعليم الذي حصّلوه. أما المفارقة الغريبة فكانت أن تطلب الأحزاب من الأساتذة الرسميين أن يتطوّعوا مجاناً لهذه المهمة!
التصعيد للضغط على الجهات المانحة لن يصل إلى إلغاء الامتحانات
التعليم الرسمي فشل حيث نجح التعليم الخاص في إنجاز البرامج وإعداد طلابه للاستحقاق، فترك الأستاذ الرسمي يواجه باللحم الحي، ونكثت الدولة بكل الوعود لإعطائه ما يكفي لسد الرمق وتأمين عودة طبيعية إلى المدارس والثانويات الرسمية، والنتيجة استهتار وفوضى وفساد لجهة تسجيل بعض الأساتذة المتعاقدين لساعات تدريس لم ينفذوها، مقابل حرمان الطلاب من حقهم في التعلم، ودفعهم إلى البحث عن وسائل بديلة مكلفة مادياً من أجل استكمال المنهاج وتمرير استحقاق كيفما اتفق، وتوزيع شهادات بأيّ ثمن.
«التعلم لم يحصل»، هذا ما قالته الأستاذة في التعليم الثانوي الرسمي، فهمية مراد، مشيرة إلى «غياب الانضباط والمهنية لدى بعض الأساتذة المتعاقدين على وجه الخصوص الذين لم يكترثوا لما سيحصّل الطلاب من تعليم في الفترة الوجيزة المتبقية بعد فك الإضراب في 6 آذار الماضي، وجُل همهم كان «تمريك» الساعات، في حين أن بعض الأساتذة «المنقطعين» عن الحضور لم يترددوا في مساعدة طلابهم في الشهادات الرسمية للتحضير للاستحقاق. وأعربت عن اعتقادها بأن الامتحانات ستحصل بكل التسهيلات الممكنة على مستوى الأسئلة و«باريم» التصحيح والتصحيح. تبدو مراد متيقّنة بأن الأساتذة سيراقبون ويصحّحون، باعتبار أن من عاد إلى الصفوف من أجل وعد بدفع 125 دولاراً، سيركض للمشاركة في أعمال الامتحانات الرسمية. مراد كانت تفضل تمديد العام الدراسي بعد إعطاء الأساتذة جزءاً من حقوقهم، ومن ثم إجراء امتحانات طبيعية، لافتة إلى أن من «واجباتنا أن نعلّم مجاناً عندما تكون الدولة بحاجة إلينا، لكن لن نقبل بأن نضحي للملمة فساد السياسيين وهدرهم".
استوقف الأستاذ في التعليم الثانوي فؤاد دهيني أن يتصرف وزير التربية حيال الامتحانات الرسمية وكأن الوضع طبيعي، علماً أن المستوى التعليمي للطلاب تراجع بنسبة كبيرة، ومنهم من لم يكتسب أكثر من 20 في المئة في بعض المواد، ولن تكون هناك صدقية للاستحقاق، إذ سيكون الغش سيد الموقف، فيما يتقاضى بعض الاساتذة 110 دولارات في الشهر، يدفعون منها 80 دولاراً للانتقال من المدرسة البعيدة عن مكان سكنهم وإليها، ولا يتلقّون سوى الوعود الكاذبة. وقال إن الأساتذة غير متحمسين للمشاركة في المراقبة والتصحيح، «وتلويح الروابط بتوقيف نتائج الامتحانات المدرسية مزحة، فليس هناك أيّ مدير يجرؤ على فعل ذلك».
وبينما أشار دهيني إلى تخبّط على مستوى الإدارة التربوية على خلفية أن لا أحد يستطيع أن يلزم أحداً بالمشاركة في أعمال الامتحانات، وضعت المدرّسة في التعليم الأساسي الرسمي مايا شعيب تعميم المدير العام للتربية عماد الأشقر الرقم 26 المتعلق بإشراك جميع الأساتذة الراغبين في التعليم الرسمي والخاص والمستعان بهم في الامتحانات في خانة الخطة (ب) لسحب ورقة المقاطعة من يد التعليم الرسمي والاستغناء عنه، وضرب خصوصية الامتحانات الرسمية لجهة عدم الاستعانة بالمدارس الخاصة التي لديها حسابات معينة، سائلة: «كيف ستقاس المصداقية والنزاهة وهي الشروط المطلوب توافرها في مقدّم الطلب للمشاركة في الامتحانات ومن سيقيسها؟ وهل يمكن الدولة أن تحاسب الأستاذ في التعليم الخاص كما تفعل مع الأستاذ الرسمي فتفرض عقوبات تأديبية؟».
واستغربت شعيب أن يصدر ملحق للتعميم يطلب من المديرين اعتبار موضوع المراقبة عملية غير اختيارية بل إلزامية لكل أفراد الهيئة التعليمية في دوام قبل الظهر، ما ينسف التعميم نفسه.