تتوالى «الفضائح» منذ صدور القرار رقم 32 عن مجلس الوزراء، الذي اجاز للجامعة اللبنانية ابرام عقود تفرغ مع 1213 أستاذاً. آخر هذه الفضائح اكتشاف عملية تزوير إفادة صادرة عن الجامعة نفسها تفيد ان د.م. (المدرج اسمها ضمن القرار) حائزة شهادة دكتوراه للايحاء انها تستوفي احد اهم شروط التفرّغ. هذه الفضيحة الجديدة ستزيد من الاحراج الذي يصيب مجلس شورى الدولة، اذ من المقرر ان يصدر قريباً قراره بوقف تنفيذ القرار او عدمه، في ضوء المراجعات المرفوعة امامه من عدد كبير من الاساتذة المتعاقدين في الجامعة ممن جرى استثناؤهم من قرار التفرّغ (http://www.al-akhbar.com/node/216655).

وبحسب معلومات «الاخبار» فإن قضاة المجلس مختلفون في الرأي بين من يؤيد وقف التنفيذ وبين معارض له، في حين ان اطراف سياسية نافذة تمارس ضغوطها المعتادة لمنع اي تحقيق جدّي في هذا الملف الاسود (http://www.al-akhbar.com/node/214031).
بعد افتضاح حالة ر.ط. الذي اجاز مجلس الوزراء تفريغه في كلية الاعلام، على الرغم من أن جامعة الروح القدس سحبت منه شهادة الدكتوراه بتهمة قرصنة اطروحته. حصلت «الاخبار» على وثائق تفيد ان د.م. تقدّمت بافادة تنص على «أن عميد كلية الأداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية يفيد أن السيدة د. ع. م. المولودة في ذوق الخراب عام 1971، قد حازت الدكتورا في علم النفس العيادي دورة 1999». يعود تاريخ صدور هذه الافادة الى 7-11-1999، وممهورة بتوقيع العميد في حينها وكل من مدير وأمين سر الفرع الثاني.
قد تبدو الافادة المذكورة صحيحة لو ان تزويرها تم بدقّة وعناية، إلا ان الجامعة اللبنانية لا تمنح شهادة دكتوراه في «علم النفس العيادي»، بل في «علم النفس»، ولا يوجد في الافادة اي ذكر لعنوان الاطروحة المزعومة او موضوعها، اذ إن الافادة التي تعطى لحملة الدكتوراه تحمل عنوان الأطروحة المعدة لنيلها، وأحياناً يضاف اسم المشرف على الأطروحة وأعضاء اللجنة الفاحصة، بحسب ما شرح لـ»الأخبار» أحد أعضاء لجان الدكتوراه في كلية الأداب.
الجامعة اللبنانية
لا تمنح دكتوراه في «علم النفس العيادي» بل في «علم النفس»

ليس هذا فحسب بل إن التاريخ الوارد على الافادة يعود الى يوم الأحد (يوم عطلة)، وتوجد في نص الافادة أخطاء املائية (مثل استخدام كلمة دكتورا).
بعد التدقيق في السجلّات داخل كلية الأداب-الفرع الثاني، تبيّن أن د.م. تحمل شهادة الماجستير فقط، وقد ورد اسمها لتتفرّغ في كلية الصحة العامة، فكيف كُشفت الافادة المزورة؟
توجهت د.م. الى أحد مدراء كلية الصحة متسلّحة «بالواسطة»، لتحصل على ساعات تدريس كافية، بالتالي تؤمن نصاباً كاملاً يخوّلها ابرام عقد التفرغ مع الجامعة، الا أن المدير طلب منها أن تقدم كامل المستندات المطلوب ارفاقها بالملف، ومن هذه المستندات نسخة عن شهادة الدكتوراه ونسخة عن الأطروحة لترسلا الى اللجنة العلمية. لكنها اجابت أنها لا تستطيع احضار شهادة الدكتوراه «كونها مستند خاص وسري»، وأن الأطروحة «ضاعت» ولا تملك أية نسخة أخرى عنها، وأن كل ما في حوزتها هو افادة من كلية الأداب تفيد انها حصلت على الشهادة.
عام 2013 تقدمت د.م. بطلب للتعاقد مع الجامعة، لكنه رُفض من قبل اللجنة العلمية حينها، لعدم وجود أطروحة داخل الملف، ولعدم تقديمها عنوان الأطروحة واسم الاستاذ المشرف عليها.
لكنها نجحت هذا العام، بدعم «حزبي» في فرض اسمها على لائحة المرشحين للتفرّغ، اضافة الى اسم أستاذة أخرى لا تملك سوى 30 ساعة تدريس في كلية الصحة نفسها، وذلك جاء على حساب أستاذة أخرى تملك نصاب تدريس كامل، وهي مهددة اليوم بأن تقل ساعات تدريسها أو أن يتم الاستغناء عنها نهائياً في حال أبرم مع د.م. عقد التفرغ.
حاولت «الأخبار» الاستفسار من رئيس الجامعة عدنان السيد حسين عن حثيثات هذه الفضيحة، الا أنه كعادته اعتبر الحديث في هذا الموضوع علناً «يسهم في تشويه صورة الجامعة اللبنانية»، ونصح بعدم طرح الموضوع لما فيه من تداعيات مرتبطة بالنيابة العامة، نافياً أن يكون له أي علم بالافادة المذكورة، طالباً الاستيضاح من احدى الموظفات في الادارة المركزية بسبب اصرارنا على الحصول على اجابة، الا أننا الموظفة لم تجب على الاتصالات المتكررة على مدى يومين، الا ان مصادر في الادارة المركزية قالت إن الافادة وصلت الى رئاسة الجامعة وهناك محاولات للتكتم عنها، ولا سيما في ضوء التكهنات حول وجود حالات عديدة مماثلة.
في اطار متابعة قضية ر.ط الذي ورد اسمه في الملف، علمت «الأخبار» أنه أحضر معادلة لشهادته من وزارة التربية وافادة من رئيس قسم الحقوق في الكسليك تثبت حيازته الدكتوراه، لكنها رُفضت من ادارة الكلية التي طلبت منه احضار رسالة من رئيس جامعة الكسليك تفيد بأن وضعه القانوني سليم، وأن شهادته لم تسحب منه، الا أن لم يعاود التواصل مع الجامعة اللبنانية بتاتاً، وقد طُلب من الفرع الثاني ألا يعطى أية ساعات تدريس للعام الحالي.