استوردت الشركة المسؤولة عن المنطقة الحرّة في مطار بيروت الدولي، «فينيسيا إير رينتا»، بضائع من شركة اسرائيلية، هي عبارة عن ولاعات، وعرضتها في الصالة، بعد إزالة كل ما يشير إلى المصدر، والتخلّص من اللغة العبرية التي كانت على أغلفتها. وكانت إدارة الشركة قد عمدت إلى نقل البضاعة إلى مخازنها، معمّمة على الموظفين أن الكتابات الموجودة عليها هي باللغة الهندية لا العبرية.
لكن على خلاف زعم الشركة، الكتابات الموجودة على الأغلفة هي بالعبرية، بالإضافة إلى العلامة التجارية لشركة «جيمس ريتشاردسون»، وهي شركة تأسست في ثمانينيات القرن الماضي لإدارة مطار بن غوريون. أما الكتابة العبرية، فقد ترجمتها قناة الميادين الفضائية في تقرير عرض أول من أمس، وتفيد بأن هذه السلع تسوّق في مطار النقب المنطقة الرابعة. فكيف وصلت إلى مخازن شركة «فينيسيا إير رينتا» في مطار بيروت؟
«الأخبار» حاولت الاتصال بالشركة أكثر من مرة، وقوبل طلبها استيضاح الأمر بمماطلة ووعود بمواعدة الاتصال من دون جدوى.
وفي سلوك يؤكد نيّة الشركة إخفاء الأمر والاستمرار في تسويق البضائع، وعدم إبلاغ السلطات المختصة لإجراء اللازم إن كانت الشحنة قد وصلت من طريق الخطأ، أعيدت الصناديق إلى صالات البيع، بعدما أزيلت عنها كافة اللواصق باللغة العبرية، مع إبقاء الباركود الجانبي الذي تستخدمه الشركة لهذه السلعة.
تطرح هذه القضية جملة من الأسئلة: هل هي المرة الأولى التي تُدخَل فيها بضائع كانت موجودة في إسرائيل إلى لبنان؟ وهل قامت أجهزة الجمارك المكلفة مراقبة بلد المنشأ بواجباتها؟ وخصوصاً أن القليل من التدقيق في الاستمارات الموجودة على الصناديق يظهر أن الوجهة الأساسية كانت من تل أبيب إلى ميلانو الإيطالية، وذلك في استمارة وضعت في مطار تل أبيب، ووُضعت استمارة فوقها فور وصولها إلى مطار ميلانو، تقول إن البضائع متوجهة من ميلانو إلى بيروت. وبحسب البيانات فإن 41 صندوقاً نقلت من ميلانو إلى بيروت، من أصل 70 صندوقاً خرجت من إسرائيل.
القيمة المادية للسلع ليست مهمة، يقول المحامي الناشط ضد التطبيع الاقتصادي أحمد مرعي، إذ إن وصولها على سبيل التبرع أو المقايضة لا يغيّر من حقيقة أنها بضائع آتية من إسرائيل، مؤكداً أن خطورة تسويق السلع الإسرائيلية في لبنان، ليست في تحقيق الربح الاقتصادي للعدو، بل في زرع القبول واستسهال الفكرة، تمهيداً للتطبيع. يذكر أن القانون اللبناني يعدّ أي تعامل مع شركة إسرائيلية مباشرة أو بالواسطة جرماً، ويعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة من 3 إلى 10 سنوات، وبغرامة مادية، وبأحكام تمنع مزاولة الأعمال. فهل تتحرك الأجهزة المعنية أم يجري التعامل باستسهال مع الملف كما يجري التعاطي مع ملف العملاء؟