صباح اليوم يمثل سماح إدريس أمام المحكمة. إنّها الجلسة الأولى في الدعوى التي رفعها مدير شركة «تويو توسي» جهاد المرّ، عليه شخصياً وعلى «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» و«حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» BDS (لبنان) و«مركز حقوق اللاجئين ـــــ عائدون». فبعدما اعتقد كثيرون أنّ الدعوى التي رفعها المرّ على هؤلاء في 10 تموز 2011 قد أصبحت طيّ النسيان، إذا به يعيد تحريكها قبل شهرين، لأسباب مجهولة. «الأخبار» حاولت الاتصال بالمرّ مراراً للوقوف عند أسبابه، وكانت إجابة سكرتيرته أنّه خارج لبنان وطلبت الاحتفاظ بحقه في الردّ حين يعود.
هكذا كان على ناشر مجلّة «الآداب» والناشط في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» أن يبرّر وحده أسباب تحريك المرّ للقضيّة من جديد. فرأى إدريس أنّ المرّ يحاول ربّما التهرّب من الضرائب، لذا أعاد تحريك القضية التي يدّعي فيها على الأطراف المذكورة أعلاه بأنّها جعلته يخسر 180 ألف دولار في الحفل الذي أحيته فرقة «بلاسيبو» البريطانية في لبنان، بسبب حملة المقاطعة التي قادوها ضدّ الفرقة التي أصرّت على الغناء في إسرائيل بعد أيام من المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بحقّ أسطول الحريّة المتّجه إلى غزة، فيما ألغى عدد آخر من الفنانين الأجانب حفلاته في إسرائيل إثر الاعتداء.
السبب الآخر الذي قد يدفع المرّ إلى إحياء الموضوع الآن، بحسب إدريس، هو أنّه «مؤمن فعلاً برسالته «الحضاريّة» وبحريّة التجارة التي هي أهمّ من الموقف السياسي». في مقابل «حريّة المرّ في التجارة»، يطرح إدريس حريّتهم في التعبير والخوف على المصلحة الوطنيّة والإنسانيّة، من فتح خط الرحلات المباشرة للفنانين الأجانب بين تل أبيب وبيروت، التي تتخطى المواضيع التجاريّة. ويقول إدريس إنّهم لم يعمدوا إلى تهديد أو أذيّة أحد، بل مارسوا حقّهم في التعبير عن مقاطعتهم حفلاً موسيقياً ومن خلفه نهج ثقافي؛ «فالمقاطعة تراث ديموقراطي عُرف في الغرب منذ عشرات السنين والقوانين تكفل هذا الحق. نحن لم نعمد إلى التكسير أو ضرب الناس لمنعهم من دخول حفل «بلاسيبو»، ولكن لنا كلّ الحق في أن نقف أمام مكان الحفل ونعرّف الناس بوجهة نظرنا بكل تهذيب».
إلا أنّ الغريب في الموضوع، هو التوقيت الذي اختاره المرّ أولاً لرفع دعواه القضائيّة على الأطراف الأربعة، ثم التوقيت مجدداً في إعادة إحياء القضيّة. فبينما أحيت «بلاسيبو» حفلها في بيروت في 10 حزيران 2010، قرّر المرّ أن يرفع الدعوى القضائيّة بعد سنة وشهر، أي في 10 تموز 2011! هل تطلّب الموضوع من المرّ سنة كاملة ليكتشف أنّ الحملة التي قادها الناشطون لمقاطعة الحفل جعلته يخسر 180 ألف دولار؟ منذ رفعه الدعوى، انتهج المرّ الصمت في القضيّة، إلى أن عاد وتذكّرها منذ شهرين وأعاد إحياءها، لكنه هذه المرّة سحب الدعوى ضدّ «حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» دون الأطراف الأخرى، ويرجّح إدريس السبب إلى كونه لم يجد أحداً من الحملة العالميّة يمكن أن يرسل إليه الدعوى. ويضيف إدريس أنّ محاميه نزار صاغيّة سيعبّر في المحكمة اليوم، التي سيعتصم أمامها عدد من الناشطين في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان»، عن عدم وجود صفة قانونيّة في إرسال الدعوى إلى سماح إدريس شخصياً، بما أنّ الدعوى هي ضدّ الحملة التي رفعت بياناً وقتها وقّعه نحو 1500 شخص، وإن كانت دعوى المرّ على الحملة، فعليه أن يحاكم كلّ من وقّع ذلك البيان الذي رفض إحياء «بلاسيبو» حفله في بيروت، لا إدريس وحده.
وإن كنّا نعرف أنّ المدّعى عليه الآن هو سماح إدريس، فإننا لا نعرف بالضبط من هو المدّعي. هل هو جهاد المرّ أم جياد المر؟ إذ إنّ المرّ يكتب اسمه على مواقع التواصل الاجتماعي جياد المرّ، بعدما عبّر على فايسبوك أنّ أباه جنى عليه بإعطائه اسم جهاد الذي يوحي بأشياء كثيرة لا يحبها.