تستعد مدينة النبطية، لإطلاق «فانوسها» الرمضاني الأكبر، للعام الثاني على التوالي، ضمن فاعليات شهر رمضان، فيما تغرق المدينة بالنفايات، وتجتاح أحياءها منذ 12 يوماً روائح كريهة حولت يومياتهم إلى ما يشبه الجحيم.
«ألا يخجلون من أنفسهم، يريدون إضاءة أكبر فانوس في النبطية، والمدينة تغرق بالنفايات والروائح الكريهة؟...». أسئلة كتبها مغرد على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» في معرض نقده لما يحصل في المدينة، خصوصاً بعدما تحولت الأرصفة وجوانب الطرقات إلى مكبات طولية وعمودية. وإذ لجأت بعض بلديات القضاء إلى حلول جزئية في مكبات قديمة، فقد برزت المشكلة أكثر في النبطية، وكذلك في القصيبة والدوير وغيرها.
تتكرر أسباب تراكم النفايات في مدينة النبطية والبلدات التابعة إلى قضائها، المنضوية تحت راية «اتحاد بلديات الشقيف»، الذي يتولى عملياً مشروع إزالة النفايات من بلدات «الاتحاد» بالاتفاق مع «شركة الجنوب للمقاولات»؛ لكن النبطية تعيش المعاناة أكثر من غيرها نظراً لافتقارها إلى عقارات غير مأهولة أو بعيدة عن وسط المدينة.
كانت الشركة تدفن نفاياتها في عقارات تابعة لبلدية ميفدون وتقع في خراجها، «لكن عملية انتقال البلدية من رئيس إلى رئيس، جعلت الأخير يعد أبناء البلدة بتخليصهم من المكبّ الذي شكل لهم قلقاً مستمراً، عبروا عنه بأكثر من انتفاضة وتظاهرة» يقول مصدر في بلدية ميفدون أكد أن أهالي البلدة عانوا الأمرين جراء اشتعال المكب أكثر من مرة، الأمر الذي كان يجعل البلدة تغرق بالدخان والروائح.
تُمهل بلدية ميفدون الشركة المعنية شهراً، ثم آخر ثم ثالثاً، قبل أن تغلق المكب نهائياً، في وقت لم تتمكّن الشركة من فتح مكبّ آخر، «خصوصاً أنها حاولت فتح مكب قديم يقع في وادي الكفور (النبطية)، ولاقت معارضة من بلدية الكفور التي طلبت إقران هذا الأمر بقرار من وزارة البيئة»؛ بحسب مصدر في الشركة، آثر عدم ذكر اسمه. لكنّ غرق مدينة النبطية ومنطقتها بالنفايات والروائح المنبعثة منها، «بسبب ازديادها في شهر رمضان، وارتفاع نسبة الخضار فيها»، جعل الشركة تتوصل وبلدية الكفور إلى حلّ قضى بفتح المكب، وبدأت عملية إزالة النفايات «التي تحتاج إلى نحو أربعة إيام لإزالتها من الطرقات والأحياء».
يؤكد رئيس اتحاد بلديات الشقيف الطبيب محمد جابر أن الشركة بدأت عملية إزالة النفايات من مدينة النبطية «منذ ليل الأحد الفائت، لكن هذا الأمر لن يحلّ جذرياً إلا عندما نفتح المعمل الذي أنجزنا نحو 80% من عملية البناء فيه، وسيكون جاهزاً بعد نحو ثلاثة أشهر لانطلاق عملية التجريب».
يقع المعمل في عقارات اشتراها الاتحاد في خراج بلدة الكفور. وكانت البلدية والأهالي قد أعاقوا عملية البناء أكثر من مرة، في إطار رفضهم لوجوده؛ لكن ازدياد أزمة النفايات وتكرارها كل مدة جعل المعمل، الملاذ الأخير لأبناء المنطقة. ويشير جابر إلى أن عملية تلزيم تشغيل المعمل إلى شركات متخصصة «جرت في 2 تموز الجاري، في مبنى وزارة التنمية الإدارية في بيروت، على أن يكون موعد نهاية العام الحالي، موعد انطلاق العمل الفعلي بالمعمل، ريثما نكون قد انتهينا من التجهيز بالمعدات المطلوبة ومن التجارب العملية». أما عملية إنشاء المعمل وتجهيزه فقد تمت بمنحة من الاتحاد الأوروبي.
لا ينفي رئيس الاتحاد معاناة بلدة ميفدون جراء وجود المكب في عقاراتها، «لكن بعض ما كان يجري من اشعال مقصود أو اشتعال غير مقصود، كان يدور في فلك أكثر من ابتزاز سياسي أو محلي أو حتى مادي، إن وجود المعمل سيجعلنا خارج أي ابتزاز ويضعنا على سكّة التخلص من الأزمات الدائمة، المفتعلة أو غير المفتعلة» يقول جابر ويؤكد «أن الاتحاد غير معني بهذه الأزمات، كون الأمر مفوضاً إلى شركة كانت تتولى جمع النفايات والتخلص منها بناء على عملية تلزيم كانت تتم من خلال مناقصة، لكن لا يمكننا خلال تفاقم الأزمة، أن نقف متفرجين، فيما الشوارع والأحياء تغرق بالنفايات».
النفايات بدأت تغادر طرقات النبطية ومنطقتها، لكنّ آثارها لن تنتهي بيوم أو يومين، بالرغم من استخدام مادة الكلس لطمر مخلفاتها. ولن يكون مكب الكفور في مأمن إذا ما أقدم أهالي البلدة وبلديتها غداً على قفله، على نحو ما جرى أكثر من مرة.