بعد لقاءات تشاورية مناطقية عدّة، شملت أكثر من 40 جمعية وتعاونية زراعية، وإجراء أكثر من 29 بحثاً ميدانياً، ختمت «مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي» (CRDT) برنامجها بورشة عمل في «بيت الطبيب» تحت عنوان «الحقوق الاقتصادية للنساء: نحو دمج النساء في قوانين العمل والحماية الاجتماعية».
أكثر من 100 شخص شاركوا في هذه الورشة، أغلبهم مستثنى من قانون العمل اللبناني وغير مشمول بتغطية الضمان الاجتماعي. واقع حاولت المداخلات إبرازه، ولا سيما مداخلتا الناشطين وزير العمل السابق شربل نحاس وعضو هيئة التنسيق النقابية حنّا غريب اللتين استندتا الى معايشتهما لتجاربهما المثيرة.
البرنامج يحاول البحث عن سبل تمكين النساء اقتصادياً وتطوير المصادر المعيشية المستدامة لهن، ويركّز على معالجة الجوانب البنيوية التي تعيق عملهن، لا سيما القوانين، بحسب العرض الذي قدمته منسقة حملة «جنسيتي لي ولأسرتي» لينا أبو حبيب، إذ أشارت الى 3 مكونات في البرنامج: البحثي الذي ضم أكثر من 29 بحثاً لإنشاء ما سمّي «بوابة تمكين المرأة اقتصادياً» وشمل دراسة تشاركية مع وزارة الشؤون الاجتماعية حول قضايا النساء والمساواة مع الرجل في عمل الوزارة وبرامجها، ومكوّن ميداني يشمل دعم المبادرات الاقتصادية للنساء من خلال توفير الإمكانات المادية. أما المكوّن الأخير فيشمل السياسات الممتدة على سلسلة من التشاورات الموزعة مناطقياً التي شارك فيها 79 شخصاً من القطاع الرسمي و138 من القطاعين الأهلي والمحلي و57 من نقابات العمال و11 شخصاً من القطاع الخاص.
في الاستنتاجات التي انبثقت عن هذه الدراسات والتشاورات يتبين أن معظم النساء يحظين بمستوى تعليمي عال لكنه لا ينعكس على سوق العمل، كذلك تحضر النساء بوفرة في القطاعات الرعائية والخدماتية مع تسجيل تدن واضح في انخراطهن في القطاع الرسمي. وهناك الكثير من الثغر القانونية المجحفة بحق المرأة، كعدم وجود ضمان للنساء المنتسبات والعاملات في التعاونيات الزراعية، وأيضاً عدم إعطاء المرأة الحق في منح ضمانها الاجتماعي لزوجها إلا في حالات العجز. ولكن لم يبرز أمر جديد في الحلول المقدمة، إذ تكررت الدعوة الى العمل على تطوير هذه القوانين وسواها وتعميم المعرفة حول حقوق النساء الاقتصادية ورفع مستوى الوعي وحشد التأييد مع الهيئات الاجتماعية والمدنية.
الوزير نحاس انتقد بشدّة استثناء فئات مهمّة من القوى العاملة من الخضوع لقانون العمل، ولا سيما العاملون والعاملات في الزراعة والخدمة المنزلية والمؤسسات العائلية، وجزء مهم من هذه القوى هنّ نساء. وأشار نحاس الى مخاطر تجزئة الحقوق عبر قوانين متناثرة هدفها تضييع قيمة العمل نفسه، معتبراً أن ذلك يضرب إقامة التوازن في الحقوق الاجتماعية مع إجحافه في حق فئات عديدة. ولفت وزير العمل السابق الى أن قانون الأجر يوجب على الحكومة أن تعيد النظر في الحد الادنى للأجور وتطبيق نسبة غلاء المعيشة سنوياً، وهو الأمر الذي يضرب به عرض الحائط منذ 16 عاماً. وقال إن نظام الكفالة الذي يخضع له العمّال والعاملات الأجانب «ليس له أي أساس قانوني».
هند صوفي من «الحملة الوطنية لإلغاء التمييز الاقتصادي ضد المرأة : وين بعدنا!» ورئيسة اللجنة الاقتصادية في «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة»، شرحت المواد والفقرات القانونية التي جرى تعديلها بفضل الضغوط الممارسة على مدى سنوات طويلة، ولا سيما لجهة حق الزوج في الاستفادة من الضمان الاجتماعي لزوجته تطبيقاً لمعاهدة «سيادو»، ومساواة الزوجة بالزوج لجهة استفادتها من التعويض العائلي، وزيادة إجازة الأمومة المدفوعة الأجر للمضمونة الى 10 أسابيع.
مداخلة حنّا غريب أثارت تفاعلاً واسعاً بين الحضور، نظراً إلى ما تجسّده تجربة هيئة التنسيق النقابية من بارقة أمل للمحاربات والمحاربين من أجل الحقوق في العمل. ولم يتردد غريب في إظهار دور المرأة الأساس في تنظيم تحرّكات هيئة التنسيق في العامين الماضيين، والتي شملت أكثر من 22 إضراباً وتحرّكاً في الشارع. وقال إن الهيئة تخوض اليوم الجولة الاخيرة من معركة سلسلة الرتب والرواتب المجمّدة منذ 17 عاماً، مشيراً الى أن هناك من يصرّ على ضرب الدولة وخلق تصادم بين القطاعات الوظيفية. فإلحاق الإجحاف بالمعلمين وموظفي الادارة العامّة يقابله إعطاء امتيازات للقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية. وحدد حنّا غريب خصمين يقفان عقبة أمام تحصيل الحقوق، ومنها سلسلة الرتب والرواتب، هما الحكومة والهيئات الاقتصادية.