أصدرت القاضية المنفردة الجزائية في كسروان، دينا دعبول، حكمها في قضية العاملة المنزلية، الفيليبينية، انالي بورتوغال. أنصفتها، ولو متأخرة، وفعلت «ما يملي عليه ضميرها الإنساني»، بحسب ما قالت ليلى عواضة، المحامية في منظمة كفى عنف واستغلال. أكثر من ذلك، انتصرت لها عندما فكّكت تلك الصورة النمطية التي استسهلت ترحيل العاملة وغسل «ذنوب» الكفيلة، بمجرد صك إبراء لذمتها من أية حقوق مالية متوجبة عليها للعاملة.
هذه المرة، لم يمرّر القضاء القضية على هذا النمط. لم يترك قروح جسدها التي تسببت بها كفيلتها على مدى أشهر خدمتها بلا تعويض «عطل وضرر».
القاضية دعبول حكمت على صاحبة العمل وفاء م. المدعى عليها بشكوى قدمتها السفارة الفيليبنية أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان في نيسان من العام 2008 ـ بالحبس 3 أشهر وبغرامة 100 ألف ليرة لبنانية سنداً لأحكام المادة 555 من قانون العقوبات، وإلزامها بدفع تعويض الى المدعية الشخصية انالي بورتوغال قدره 10 ملايين ليرة لبنانية وبتدريكها النفقات القانونية.
بورتوغال، هي الشابة التي انفلش عنف صاحبة عملها «على مساحة 70% من كامل مساحة الجسم»، بحسب التقرير الذي وضعه الدكتور كيفورك جيان، المحلف لدى المحاكم في السادس والعشرين من نيسان العام 2008. اشار التقرير الى «أنها كانت تتعرض الى ايذاء جسدي متكرر وأنواع مختلفة من إصابات حارة او جراحية او كدمية وبمختلف الالات كآلة قبضة اليد والأصابع والمكواة والاحذية والمشايات والحزام مثلا (…)».
هذا الحكم هو الثاني من نوعه، بعد حكم أول صدر في تموز الماضي لصالح عاملة منزلية وقضى بحبس صاحبة عملها بسبب رفض سداد رواتبها. لكن، في كلا الحكمين حضرت العدالة متأخرة. في الحكم الأول، أتى بعد 3 سنوات وفي الثاني بعد خمس سنوات. تلك الفترة الطويلة تخفف من قيمة العدل الذي تحقق.
بورتوغال قد لا تكون علمت أنها انتصرت. ونحن، لا نعرف أين هي الآن؟ وكيف تعافت من العنف الذي لحق بها؟ وماذا سيفعل لها الانتصار بعد كل هذا الوقت والأذى؟ وعما إذا كانت المدعى عليها ستنفذ الحكم أم أن الأمور ستسير على الطريقة اللبنانية؟ كل هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة صريحة.
القاضية دعبول، بحسب المحامية عواضة، «أفسحت المجال أمام المدعى عليها كي تدافع عن نفسها، وخصوصاً عندما شككت الأخيرة في صحة تقرير الطبيب الشرعي. لكنها اكتفت بالقول ان المدعية تكذب»، هذا ما ورد في نص الحكم. وتقول عواضة ان المدعى عليها لم تتقدم بالطعن و«لم تكن القاضية لتنصاع لما تقوله».