«قوة قاهرة» باغتت أهل مجمع الجامعة اللبنانية في الحدث عصر أول من أمس. التعبير لمدير كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية ــ الفرع الأول د. غالب فرحات، الذي لم يخف استياءه من رؤية مشهد الطوفان في هذا الصرح التربوي. لكن فرحات رفض ومديرين وأمناء سر آخرين تحميل القيّمين على أعمال الصيانة والتنظيف عبء الحادث. دليل هؤلاء أنّه لم يسبق أن شهدوا مثل هذه الواقعة منذ 9 سنوات، تاريخ انتقالهم إلى المجمع، «شباب الخرافي بيضلوا على الأرض وموجودون بيناتنا وما بيتركونا أبداً».
لكن أن يلبّي عمال شركة الخرافي المكلفة بأعمال الصيانة والتنظيفات احتياجات الكليات بمجرد أن تطلبها لا يعني أنّ الشركة لا تتحمل مسؤولية ما جرى، يقول رئيس مجلس طلاب الفرع ــ الأول في كلية العلوم أحمد عرار. هو يعتقد أن غياب الرقابة على الشركة أدى إلى طوفان «مدرجات» التدريس. يؤكد أنّ «ثمة عطلاً في الأساس وخللاً في تمديدات تصريف المياه». لم يكن أحمد الطالب الوحيد الذي أكد أنّ هناك إهمالاً في مكان ما، بل إنّ حادثة المجمع تحولت إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اقترح طلاب استحداث مواد مثل السباحة والإنقاذ والتدريب و«operating system»، وحددوا لها القاعات وعدد الأرصدة وأسماء الأساتذة.
المدير د. علي كنج لا يغفل هو أيضاً الحديث عن التقصير في فتح المجاري الصحية وتنظيفها، و«لو كان هناك كشف دوري على المباني والطوابق عشية الأمطار، ولو كانت كل جهة تقوم بما هو مطلوب منها، لما حصل ما حصل».
يخرج كنج إلى باحة الكلية للإشراف على أعمال تنظيف المجاري التي بدت مليئة بالأتربة وأوراق الأشجار. يوعز إلى العمال بفتحها وتنظيفها بالكامل ولو تحت المطر، «ما فينا ننتظر لتصحا الدنيا بعد 5 أيام، بدنا نشتغل تحت الشتا».
لا ينفي المدير أنّ يكون مبنى كلية العلوم تحديداً متميزاً عن باقي مباني المجمع، فهو قديم نسبياً ويعاني من مشاكل «نش»، وكانت الكلية، في الآونة الأخيرة، في صدد إعداد دراسة مناقصة لوضع مواد عازلة تمنع التشققات. الأمطار دخلت إلى أربع قاعات كبيرة وبعض المصاعد تم توقيفها، بحسب كنج، حفاظاً على السلامة العامة. القاعات كانت خالية من الطلاب لحظة اجتياح المياه، لكون المحاضرات للسنوات الأولى تنتهي عند الواحدة والنصف ظهراً. أحد العمال في الكلية يقول إننا «بقينا هنا حتى التاسعة والنصف مساءً ثم حضرنا باكراً لتأمين دخول الطلاب عند الثامنة صباحاً وضمان عدم تعطيل الدروس».
في «الحقوق ــ 1»، كل شيء تغيّر فجأة. لحظات قليلة كانت كافية لتغرق كل الطبقات السفلية بالمياه. هنا قاعات التدريس حيث كان الطلاب لا يزالون يتابعون محاضراتهم لحظة وقوع الكارثة كما يسمونها هي النقطة الأكثر انخفاضاً في المجمع.
يروي الطلاب كيف امتلأت أولاً باحة المجمع أو «ساحة العدل» المقابلة لمبنى الكلية بالمياه، فأقفلت كل «الريغارات» وتسربت المياه إلى القاعات من السقف والأرض «كانت عم تشتي من فوق وتحت».
وما جرى في الحقوق انسحب على مبنى كلية إدارة الأعمال ــ الفرع الأول المجاور. وتوقفت معظم الدروس في الكليتين من دون أن يكون هناك قرار رسمي معلن بذلك. ببساطة، لم يحضر الطلاب إلى صفوفهم خوفاً من احتكاك الكهرباء والمياه، كما تقول مصادر المجلس الطلابي.
في معهد الفنون الجميلة ــ الفرع الأول، لم تتأثر أي من قاعات الدراسة بالعاصفة ولم يكن معظم الطلاب على علم بالحادثة أصلاً. وحدها مكاتب الإدارة وأمانة السر ومحتويات المستودع تضررت بشكل طفيف. وقد تمت معالجة الأمر خلال ساعات قليلة.
وكانت تشكلت لجنة تحقيق من مجلس الإنماء والإعمار جالت على المباني حيث تبين أن السبب خارجي، بحسب رئيس اللجنة الفنية في الجامعة د. عادل مرتضى. في الداخل، كان نظام تصريف المياه شغّالاً وكانت المضخات الأربع تعمل بصورة طبيعية والمشكلة تكمن، كما يقول، في مجاري المياه عند المدخل الشرقي للجامعة في منطقة الحدث، لذا تقرر التنسيق مع بلدية الحدث والقيام ببعض الإجراءات الداخلية مثل وضع سقوف للأدراج المكشوفة فضلاً عن توزيع المياه على القنوات الداخلية.
ليست هناك أضرار أو خسائر، يجزم المسؤول في شركة الخرافي بديع العلي. وفيما يتساءل عن تضخيم الموضوع وإعطائه أكثر من حجمه الطبيعي، يقول إن لدينا «الوثائق والصور التي تثبت أن المياه دخلت علينا من الحدث، وأنّه لم يكن هناك أي خطأ فني، إذ إنّ كل ما في الداخل كان تحت السيطرة وما حصل خارج عن إرادة الجامعة».