في أربعين الحرب في نيسان الماضي (2015)، سلحنا القضاء اللبناني بقرار واضح وصريح ثبت بموجبه الحق بالمعرفة، حقنا بمعرفة مصائر أحبائنا الذين فقدوا خلال الحرب.اليوم، وبعد عام نذكر ونكرر، أن الترجمة العملية لهذا القرار القضائي هو إقرار بضرورة حل هذه القضية بشكل نهائي يكون بمستوى إنسانيتنا وكرامة مفقودينا.
إن الحل العلمي المقبول منا والذي يلامس العدالة بحدها الأدنى له وجهان:
الأول تنفيذي: يقضي بجمع وحفظ العينات البيولوجية لأهالي المفقودين. إنه الوسيلة الفضلى والأسهل التي تسمح بالتعرف إلى هويات المفقودين إذا عادوا، أو على الرفات عند ظهورها. كما أنه يسهل التمييز بين العظام التي يتم العثور عليها هنا وهناك بين حين وآخر، إن كانت عظام حيوانية أو بشرية. وفي ظل عدم القيام بهذا الإجراء، كيف يمكننا التعرف مثلاً إلى المفقود أندريه إميل شعيب لو عاد، أو إلى رفاته إن وجدت بعد أن غادرت أمه ثم أبوه الحياة...؟ خديجة وهبة، أم محمد الهرباوي، دفناها منذ أسبوعين، وقبلها أم علي جبر، وسبقهما العديد دون أن تؤخذ منهم العينات البيولوجية!
الثاني تشريعي: يقضي بإقرار اقتراح قانون الأشخاص المفقودين والمختفين قسراً. ونشير إلى أن نقاش المشروع المذكور قد امتد على ثلاث جلسات كانت قد دعت إليها اللجنة النيابية لحقوق الإنسان، بمشاركة ممثل(ة) عن كل من لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان ولجنة سوليد مع أطراف أخرى معنية، وختم النقاش في جلسة الأسبوع الفائت. وقد أفادنا رئيس اللجنة د. ميشال موسى، ومقررها أ. غسان مخيبر بأن اقتراح القانون سيحال على لجنة الإدارة والعدل، ليأخذ مساره إلى الهيئة العامة.
اليوم، في الذكرى الـــ 41 للحرب، نطالب رئيس المجلس النيابي، الأستاذ نبيه بري، بالايعاز إلى لجنة الإدارة والعدل بعقد جلسات خاصة استثنائية ومتتالية بشأن اقتراح قانون المفقودين والمختفين قسراً، ليصار إلى إدراجه بنداً أول على جدول أعمال أول جلسة تشريعية ستعقد باعتبار أن لا ضرورة تسبق إقرار هذا المشروع ضمن جلسات "تشريع الضرورة".
ولأصدقاء القضية، جمعيات وأفراد، نقول، إننا نعوّل على وقفتكم معنا كما دائماً، وتركيز دعمكم على المطالبة والضغط لإقرار حلّ الحد الأدنى من العدالة المقبول منا بشقيه الآنف ذكرهما.
ولكل مسؤول ولكل فرد من أفراد الشعب اللبناني نقول: إن استمرارنا بالتمسك بحقنا بمعرفة مصائر من نفتقد هو أولوية لدينا لا نساوم بشأنها ولا نتخلى عنها. نحن نتمسك بهذا الحق، لأننا من أكثر المتحمسين، ليس فقط لطيّ ملف حرب اكتوينا بنارها، بل لتحصين المجتمع وتمكين جيل الشباب خصوصاً من عدم الانجرار إلى أية مغامرة قد تجد صداها في أرضنا الهشّة المفخخة بالانقسامات الحادة السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية... والمزنرة ببركان ملتهب تهددنا حممه في كل صوب واتجاه.
نحن نسعى ونتمنى أن تكون الــــ 39 سنة القادمة أفضل لنا وللجميع من الـــ 41 التي انقضت.

وداد حلواني
لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين