بعد 66 عاماً، صدر القرار. «مُطّت» إجازة الأمومة 3 أسابيع، ستضاف إلى سبعة أخرى أقرّت عام 1946. بـ«الإجماع»، أتت الموافقة من وزراء المجلس على «اقتراحي قانون يرميان إلى تعديل المواد 38 من نظام الموظفين، و28 و29 من قانون العمل»، على أن تشمل هذه الإضافات «المدة التي تتقدم الولادة والمدة التي تليها». موافقة سبقتها مبادرة من وزير العمل السابق بطرس حرب أواخر العام الماضي، عندما أعدّ مشروع قانون العمل الجديد، الذي ضمّنه تعديل المادتين 28 و29. هكذا، وبقرار، منحت الأم ـــــ العاملة بضعة أيام للبقاء إلى جانب صغير يحتاج إلى ذلك الحضور. كمية من الأيام قد لا يعوّل عليها كثيرون، لكنها أكثر من أساسية لأمهات ـــــ عاملات طامعات في المزيد. لا يمكن ثلاثة أسابيع أن تكون شيئاً عابراً في حيواتهن. فهنا، الحديث عن 21 يوماً. عن 504 ساعات من العناية الإضافية بطفل رضيع، مع ما تعنيه كلمة رضيع من «حضور شبه تام للأم»، تقول رندا، الشابة التي ستصبح أماً بعد 3 أشهر، لكن، هل كان ثمة داعٍ إلى كل هذا الانتظار لمنح أمّ، وعاملة ¾ شهر إضافي للبقاء إلى جانب طفلها؟ ربما، كان يكفي النظر في القانون الذي مرّ عليه الكثير من الوقت وتعديله، «فالأمهات العاملات عام 1946 لم يكنّ بالحضور نفسه كما هنّ اليوم»، حسب رندا. مع ذلك، وإنصافاً لذلك التعديل المتأخر، «ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كان إنجازاً»، تقول الشابة، كما وزير العمل سليم جريصاتي.
هو إنجاز، لأنه سيمدد فترة إقامة رندا إلى جانب طفلها، كما أمهات أخريات ينتظرن مواليدهن، لكن، على الرغم من الفرحة، تبقى الخطوة منقوصة، فقد «تلحقني أو ما تلحقني، وذلك تبعاً للوقت الذي قد تستغرقه في اللجان النيابية، ومن ثم في المجلس النيابي».
الخطوة ناقصة إذاً، في انتظار أن تلي موافقة «الإجماع» للوزراء، موافقة المجلس النيابي لتصبح نافذة. وهو ما لا يجده جريصاتي أمراً مخيفاً، فقد لا يستغرق الإقرار النهائي الكثير من الوقت «وخصوصاً أن الموافقة أتت على اقتراحي قانونين تقدّم بهما النائبان جيلبرت زوين وميشال موسى، وقد حوّلهما رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى مجلس الوزراء ليعطي رأيه فيهما، عملاً بمبدأ التعاون بين السلطات». ثمة سبب إضافي يدعو إلى الاطمئنان وهو «الإجماع الذي ناله الاقتراحان، وهو المدعم بموافقات أخرى لوزارة المال ومجلس الخدمة المدنية وهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل»، وهذا «سلاح إضافي للتسريع في الإقرار»، يتابع.
قد «يلحق» التعديل رندا، لكن، ثمة من فاتتهن فرصة الاستفادة من «الإنجاز» الحكومي، وخصوصاً من أنجبن أو قد ينجبن قبل التعديل. هنا، تحل الكارثة مع «49 يوماً بالكاد تكفي للتعافي والتأقلم مع الحياة الجديدة»، تقول فاتن. كانت تنقص تلك الأم التي ولدت منذ شهرين، أسابيع إضافية «ليكون الطفل قد تعوّد نظاماً معيناً من الأكل والنوم، وهو النظام الذي لا يمكن حدوثه قبل 3 أشهر». ولهذا، لا يمكن للـ «49 يوماً» أن تكون كافية. ثمة حاجة «إلى ثلاثة أشهر على الأقل». على هذه الحال، حتى الإقرار الجديد غير كافٍ. فالعشرة أسابيع هي «شهران ونصف شهر». ما يعني «أن الطفل لا يكون خلالها قد تعوّد النوم في الليل، على الأقل لعمر الثلاثة أشهر حتى ينتظم نومه وتستطيع الأم أن تنام وتقوم بواجباتها في العمل»، تقول ميسا.
ما تقوله ميسا تؤيده القانونية إقبال دوغان، هي التي عدّت في وقت سابق الرقم 49 «مجحفاً بحق الأم». فلو كان القانون منصفاً «لأقرّ إجازة أمومة عادلة، وخصوصاً أنها مقسمة نوعين: إجازة للمرأة، وهي صحية ولا يمكن أن تقل عن شهر، وأخرى للطفل». وعلى أساس الـ49، إذا ما اختزلنا إجازة المرأة، يبقى للطفل «19 يوماً، وهو غير كافٍ إطلاقاً». وهنا، الحاجة «إلى ثلاثة أشهر على الأقل، كانت أصلاً من حق الأم، لولا التعديلات التي أبقت 49 للأم العاملة في القطاع الخاص، و60 يوماً للعاملة في القطاع العام».
لا يهم، قد تكون الثلاثة كافية «بالمينيموم». أما في «الماكسيموم»، فقد يتخطى الحلم «الأربعة أشهر، يكون خلالها الطفل قد اعتاد البقاء وحيداً»، تقول ميسا، لكن، هذا الترف لا طاقة للأم العاملة في مؤسسة خاصة أن تمارسه، فهي تخاف من «الطرد» الذي خطر فجأة في بالها عندما سمعت «أحد الزملاء يقول يللا رح يزعبونا». عشرة أسابيع أخافتها، فكيف الحال بأكثر؟ ماذا سيفعل عندها رب العمل؟ تسأل وتجيب «قد يستغني عن خدماتنا، أو يمتنع عن توظيف امرأة متزوجة». وهو الأمر نفسه الذي لا تستبعده دوغان. فهي إن كانت تعدّ الخطوة «كافية مقارنة بالمدة السابقة»، إلا أنها تخاف من ارتداداتها، التي قد تصل إلى حدّ التخلي عن خدمات المرأة... مع «مراعاة الاستثناءات بين امرأة عاملة في القطاع الخاص وأخرى في القطاع العام». ففي القطاع العام، « قد لا تجد المرأة مبرراً للخوف، فالأشهر الثلاثة الأولى لغيابها مغطاة من الضمان الاجتماعي، على عكس العاملة في مؤسسة خاصة، فهذه الأخيرة يدفع رب العمل وحده راتبها». وهنا، قد يحصل ما لم يكن في الحسبان: «الطرد».
هل الأمر بهذه السهولة؟ بالقانون لا، فبحسب المادة 29 من قانون العمل «يحظر أن تصرف المرأة من العمل خلال مدة الولادة، كما يدفع أجرها كاملاً». وبحسب جريصاتي «ممنوع التمييز، لا لأنها متزوجة ولا لأنها أمّ، وبالتالي ممنوع الصرف أثناء الحمل وإجازات الأمومة». وفيما لو حصل؟ «يكون تعسفاً». والتعسف فيه مجلس عمل تحكيمي.