عشية الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية الأميركية، وصلت إلى الطلاب رسائل إلكترونية باسم «free future» جاء فيها: «إلى أحرار 14 آذار في الجامعة اللبنانية الأميركية، هذه الرسالة لا تهدف إلى إلحاق الضرر بقوى 14 آذار، بل نشر ما يحصل خلف الكواليس في إطار النقد البنّاء لأنه طفح الكيل. تظهر هذه الصورة (حوار) رسالة بين طالب ومسؤول في أحد الأحزاب بتاريخ 3/11/2011 (انتخابات العام الماضي التي شهدت تقاتلاً عنيفاً)...
كان الشهيد رفيق الحريري يستحق أن يكرّم بطريقة لائقة، لا في الشارع من خلال افتعال إشكال بيننا وبين الأحزاب الأخرى... نريد أن نسأل: لماذا تستغل القيادة الطلاب في الجامعة لتوصيل رسائل سياسية»؟ وفي ختام النص، كتبوا: «التوجه لمقاطعة الانتخابات أو اختيار المرشحين المستقلين وغير الطائفيين».
في الحوار، سأل الطالب المسؤول الحزبي: «معقول تعملوا هيك»؟ فأجابه: ليس أنا بل أحمد الحريري. من يكون؟ أحمد ابن بهية.
فلت البريد الإلكتروني من القبضة الحديدية لإدارة الجامعة التي سارعت إلى لملمة الموضوع بعدما اتهم تيار المستقبل قوى 8 آذار بالمسؤولية عن هذه الرسائل. وساد الهدوء.
لكن في النتيجة، تعكس الانتخابات الصراع السياسي ـــ الطائفي بين حزب الله والمستقبل. لا جديد فيها سوى التحالف الثنائي بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل. ويصوّت الطلاب للمرة الثانية وفق قانونهم الحصري One Man One Vote (رجل واحد، صوت واحد) الذي تحول إلى One Student One Vote (طالب واحد، صوت واحد) لأسباب جندرية. عملت الأحزاب على التكيف معه وتحصين نفسها. لن يكون القانون سبباً في تغيير النتيجة لمصلحة فريق على آخر، أي تحالفي 8 و14 آذار. لكن صار لهذين الفريقين ثالث حين ارتأى عدد من المستقلين تنظيم أنفسهم ضمن حملة «Take back the council» (استرجعوا المجلس) وقد دخلوا الانتخابات بأربعة مرشحين. يعرّفون عن أنفسهم على صفحتهم على «فايسبوك» بأنهم «مجموعة من الطلاب المستقلين الذين لا يتبعون أي طرف سياسي ويرفضون جميع أشكال الطائفية والتمييز. نعمل على كسر الشلل داخل مجلس الطلاب الذي يمليه الصراع بين الأحزاب السياسية، ما جعله عاجزاً وغير قادر على الاستجابة لاحتياجات الطلاب».
يقول أحد أعضاء الحملة علي جمول إننا «قررنا تنظيم الصفوف بهدف إفساح المجال أمام الطلاب الجدد لإكمال الطريق من بعدنا، وخصوصاً أننا في سنة التخرج». ويؤكد أن المجلس «لا يلبي رغبات الطلاب داخل الجامعة»، مضيفاً إنه «لا حل سوى بحركة طلابية بديلة لأن المجلس محكوم بالصراع بين الطرفين».
من الصعب أن تجد طالباً ينتخب على أساس برنامج انتخابي، يقول، لافتاً إلى أن هدف الأفرقاء من الانتخابات «يكمن في الخبر الذي ستنشره الصحف في اليوم التالي». يتقاطع رأي الشاب المستقل مع مسؤول الحزب التقدمي الاشتراكي في الجامعة كمال مطر، إذ يقول: «الانتخابات كلها قصة جريدة». اللافت هذا العام تحالف الاشتراكي مع حركة أمل فقط، تزامناً مع «خطاب جنبلاط الذي دعم الحكومة حفاظاً على السلم الأهلي». وقد قالت منظمة الشباب التقدمي في بيان إنه «انطلاقاً من الخيار الوسطي السياسي للحزب، قررت الأمانة العامة خوض الانتخابات بمرشحين منفردين وتحالف انتخابي مع مكتب الشباب والطلاب في حركة أمل».
مطر يؤكد أن تحالف الاشتراكي ـــ أمل لا يعني أننا منضوون تحت حلف 8 آذار، فيما يشير مسؤول الحزب في الجامعة مهدي الخنسا إلى أن «الاشتراكي أعلن رسمياً خلال اجتماع لقوى 8 آذار انضمامه إلى الحلف».
في المقابل، لم يتوقع مسؤول تيار المستقبل في الجامعة، محمد الملا، حدوث مشاكل لأن الجامعة «تضبط الوضع». يرد على الكلام المتداول بشأن عدم سعي قوى 14 آذار إلى حصد مقاعد كثيرة، بالقول: «نواجه 7 أو 8 أحزاب منفردين». لكنه يتابع: «نحن أكبر كتلة في الجامعة من الناحية الجماهيرية». لا يرى الملا فريقه خاسراً في انتخابات العام الماضي، لأن النتيجة تقوم على جمع حرمي جبيل وبيروت، لا على فصلهما».
تتوقع قوى 8 آذار، بعد انضمام الاشتراكي إليها، الفوز بعشرة أصوات مقابل 5، أو 9 مقابل 6. الفوز أكيد وخصوصاً أن معظم الطلاب الجدد المنتسبين إلى الجامعة، بحسب مسؤول «أمل» هشام بعلبكي، شيعة، مؤكداً أن المجلس من نصيبهم.
أما في جبيل، فقد احتلت الطريق الممتدّة إلى حرم الجامعة لافتات «قواتيّة» صغيرة باللون الأسود، كتب عليها Vote LSF (انتخب لائحة القوّات)، قد كتب عليها Write History (اكتب التاريخ). فضّل «قواتيّو» الجامعة عدم التحدّث قبل الانتخابات، مكتفين بالقول: «هيدي القلعة، أكيد بدنا نربح». فضّل حزب الكتائب العمل مستقلاً، مكتفياً بترشيح طالب في كلية إدارة الأعمال، بحسب مسؤول الطلاب في الجامعة إيلي أندراوس.
وفي المقلب الآخر، لفت مسؤول النادي الاجتماعي (Social Club) في الجامعة، كريستيان الحاج، إلى أن «اللائحة تضم تحالف: التيّار الوطنيّ الحرّ، المردة، الطاشناق، حزب الله، حركة أمل والقومي السوري». ويشرح أن «برنامج هذا العام يشدد على إعادة العمل الحزبيّ إلى الجامعة لكونه حقّاً من حقوق الطلاب، وتحقيق خطوات عمليّة لمساعدة الطلاب الجدد».
وأشار الحاج إلى ضغوط يتعرّض لها المرشّحون، وخصوصاً المستقلين منهم، الذين تلقّوا اتّصالات من نوّاب ووزراء للضغط عليهم من أجل سحب ترشيحهم.



تدابير إداريّة

سعت إدارة الجامعة اللبنانية الأميركية إلى ضبط الأمور داخل حرم الجامعة من خلال مجموعة من الإجراءات، منها حظر الشعارات السياسية والدينية، منع ارتداء الكوفيات مهما كان لونها، وسترات تحمل شعارات سياسية أو ألواناً حزبية. كذلك منعت التجمعات في المداخل المؤدية إلى حرم الجامعة أو غرف التصويت والفرز، والحملات الانتخابية خارج البوابات وفي الشوارع المجاورة للجامعة. وأشارت إدارة الجامعة إلى أن كاميرتي فيديو ستجولان في الحرم الجامعي لالتقاط النقاط الساخنة وتسجيل أي انتهاكات لاتخاذ إجراءات فورية.