ليلة عيد السيدة، استهل الرئيس العام لدير ميفوق الياس العنداري خطبته بتبشير اهالي ميفوق بالانتهاء من اعداد الملفات، «ولم يبقَ الا وصول موافقة روما للبدء بتنفيذ الحل». الدير كان قد استولى على اراضٍ وما عليها منذ عام 1914 وسجّلها باسمه في مسح اختياري جرى في عام 1938.
بعدما فقد السكان الامل من القضاء، قرروا اللجوء الى التفاوض مع الدير، وتوصلوا الى صيغة حل لا تعيد إليهم سوى مليوني متر مربع من اصل 12 مليون متر مربع تمثل مجمل أراضي البلدة. الحديث اليوم عن تنفيذ للحل «مجرد كلام نسمعه من سنوات لتهدئة الناس عند ازدياد النقمة على الدير»، بحسب ميشال متى، احد اعضاء اللجنة المفاوضة مع الدير، ومقدم الدعوى التي رفعت على الدير عام 1995.
بعد تعثر المفاوضات خلال السنوات الاخيرة، واخذ بعض المفاوضين جهة داعمة للدير، اجتمع عدد من ابناء ميفوق، من اطباء ومحامين للتسريع بايجاد حل. يتحدث الدكتور جورج الحاج باسم هذه المجموعة، وهو احد المتابعين للملف منذ عام 2000. يعلن فشل المفاوضات بعد اعتماد الدير «سياسة فوقية وإلغائية بحق سكان ميفوق».
يعود الحاج الى تاريخ المفاوضات مع الدير التي بدأت عام 2000 عندما طلب منه الاباتي جلخ ايجاد حل للقضية. اثمرت اتفاقا في 17 ايار 2001 يرمي الى اعطاء 2000 متر مربع الى كل شاب فوق 18 سنة، وتوزيع المنازل على اصحابها. الاتفاق ابرم، بالموافقة مع الاباء. «ما قيل عن أنّ الحل أُرسل الى روما كذب، فهم لم يوصلوا اي شيء الى الفاتيكان. عند سؤالنا عن نتائج التواصل وعن الحل كان يأتينا الجواب اننا في انتظار الرد من روما. فقررنا نحن التواصل مع السفير البابوي لمعرفة سبب التأخّر في بت الملف، فتبين لنا انهم ليسوا على علم بالملف، حينها اتصل السفير البابوي بالرهبان للاستفسار».

سيبدأ الإعداد لتحركات تصعيدية على الارض ومع وسائل الاعلام

بناءً على هذا الامر، بعث الدير «شبه حل» الى روما، دون ان يطلع المفاوضون على تفاصيله، «زاعمين اننا وافقنا على بنوده». وصل الرد من روما عام 2007 يطلب اعطاء الاراضي قبل ايلول 2011. نحن في 2015 وما زلنا نحاول ايجاد حل. «الحل المطروح من الدير غير قابل للتنفيذ، اذ يعرضون اقامة ما يشبه الاسهم بشركة عقارية باراضٍ غير مفرزة، على ان يكون تنفيذ مشاريع البنى التحتية من مسؤولية سكان القرية». مساحة القرية 14 مليون متر2، والحل ينص على توزيع مليوني متر، على ان تكون مساحة 500 الف متر مخصصة لفرز الطرقات. الدير يطلب اليوم تنازلا الى 1700 متر بدل 2000 للفرد. «نحن طلبنا إعطاء الاراضي، الا ان الدير يصر على البيع». هذا الحل نال الموافقة في مجلس المدبرين والاباتي والرئاسة العامة، ونملك رسائل من رئيس الدير السابق يعلن موافقته عليه. احد الاباء سأل عن نسخة الحل التي نمتلك، قلنا اننا لا نملكها، الا ان في حوزتنا رسائل من الرئيس العام، فكان رده «بما انكم لا تملكون نسخة، يمكننا ان ننكرها».
وافق المفاوضون على الحد الادنى من الاراضي، على ان يلتزم الدير الافراز مع مساهمة مالية من سكان القرية بكلفتها. «إذا هجر كل اهالي ميفوق القرية، فما الحاجة عندئذٍ للدير ولرئيسه وآبائه؟»، يقول الحاج . «هذا اجرام بلا حدود. خلال المفاوضات، بين كل خطوة واخرى هناك شهران او ثلاثة أشهر بحجة انشغالات الاباتي او سفره».
الفريق المهتم بقضية القرية أقر بفشل المفاوضات، وطلب من الحاج الاتصال بالبطريركية لوضعها في أجواء ما رست عليه المفاوضات. «السفير البابوي لكثرة انشغالاته، لم يرد على اتصالاتنا حتى الان».
في البطريركية حُدد موعد للقاء قبل شهر للاجتماع بهم، «قبل يومين من اللقاء اتصلوا من بكركي ناقلين تمني البطريرك بشارة الراعي بتأجيل الموضوع اياما قليلة لأن السفير البابوي اتصل، وهناك معطيات جديدة، فكان ردنا ان السفير البابوي يعمل بالمهدّئ نفسه الذي يستخدمه الرهبان. انتظرنا عدة ايام، وعلمنا انهم اجتمعوا بعدما استدعاهم البطريرك، واخبرونا انهم توصلوا الى تصور جديد، وطلبوا ان نتصل بالرئاسة العامة للاطلاع عليه، وان كان لكم اي اعتراض يمكننا مراجعتهم. اتصلنا بالرئاسة العامة لتحديد موعد للاجتماع نزولاً عند رغبة البطريرك، وحتى الان لم يصلنا اي جواب». بحسب الحاج.
في البلدية اجواء داعمة للدير «القصة منتهية، ونحن بانتظار موعد التنفيذ، الموافقة النهائية ذهبت الى السفارة البابوية وهي بدورها ارسلتها الى بكركي». كان امام السفير البابوي احتمالان، إما اخذ الموافقة من روما شفهياً، او إرسال موافقة البطريرك، لان أسماء 150 شابا اعمارهم فوق الثامنة عشر، لم تدرج على الموافقة القديمة التي بتت عام 2009. تؤكد البلدية ان هناك تأخيرا اداريا، «لو كان بامكاننا اخذ موافقة السفارة البابوية دون الحاجة الى موافقة روما، لكنا ليوم في عيد السيدة قد اعلنا الحل».
يستغرب الحاج عدم رغبتهم في الحل، «فالاراضي لا تعود لهم بأي ربح مادي، ولا يمكنهم استثمارها، لان هناك دعوى قائمة عليها، الا ان كانوا يملكون نية تهجير الناس واعادة بيع الاراضي، كما كانوا مصممين على ان يفعلوا في الكسليك».
ويضيف» انتم تستقوون على من هم سبب وجودكم، اذا ذهب المؤمنون فما الحاجة حينئذ الى رئيس دير ورهبان. الكنيسة تحوي 300 كرسي، تجمع نهار الاحد حوالي 15 شخصا. اليوم هم فقط لا يتقدمون، بل يتراجعون ويرجعون الناس معهم. نحن اليوم غاضبون على الرهبانية المارونية ومن البطريرك، نعلم انه يتعب كثيرًا، فهو يسافر وتُذبح له الخراف، وتُلقى خطابات رنانة، لكن كيف تستطعيون الطلب من الناس التشبث بارضهم وانتم تسلبونهم اراضيهم. تشحذون باسمنا وتتشاطرون علينا».