يوصي وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش بإنشاء مبان حكومية على عقارات تملكها الدولة، اذ ليس طبيعيا أن تدفع الدولة سنوياً اكثر من 90 مليار ليرة لاستئجار نحو57 مبنى. فغالبية هذه المباني لا تستوفي الشروط المحددة قانونياً لإقامة المراكز الحكومية، كما ان المباني المستأجرة موزّعة مناطقياً من دون أن تلبّي الحاجة المطلوبة منها سوى تنفيع البعض وتكبيد الدولة أكلافاً اضافية غير مبررة.وبحسب توصية الوزير فنيش، يمكن تخفيف الكلفة السنوية عبر تشييد مبان للإدارات التي تضطر لتسديد بدلات الإيجار المرتفعة، لكن هذه العملية مربوطة بأولويات؛ فهناك مبانٍ مستأجرة قبل عام 1992 وتخضع لقانون الإيجارات، فيما أخرى استؤجرت بعد هذا التاريخ وتخضع لحرية التعاقد بأكلاف مرتفعة. ولذلك لا بد من المفاضلة بين الخيارات المختلفة للتوصل الى النتائج المرجوة: وجود العقارات المناسبة، كلفة ايجار كل مبنى او مقر، كلفة التشييد... التوصية تبدو جيّدة، الا أن البحث يصطدم دائماً بالحجج الواهية.
في نيسان 2010 طلب مجلس الوزراء من وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش إعداد تقرير عن أوضاع المباني المستأجرة من الإدارات العامة وقيمة بدلات إيجارها، والعقارات العائدة للدولة والتي يمكن إقامة مبان حكومية عليها، والكلفة التقديرية لذلك. ما تبينّ لفنيش واللجنة التي ألفها لإعداد التقرير، أن هناك 57 مبنى حكومياً مستأجرة بكلفة إجمالية تصل إلى 90 مليار ليرة. تقسم هذه الإيجارات إلى نوعين؛ أبنية مستأجرة قبل عام 1992 وأخرى ما بعد هذا التاريخ. الأولى تخضع لأحكام قانون الإيجارات، وبالتالي تستفيد من الزيادات التي تلحق الرواتب والأجور. أما الثانية فهي بمعظمها عقود حرّة تخضع لأحكام القانون رقم 159/92 (حريّة التعاقد)، ما يعني أنها خاضعة للتفاوض بين المالك والمستأجر حول الزيادة على بدل الإيجار، علماً بأن «هذه الزيادات باتت تمثّل عبئاً مالياً متصاعداً يرهق الخزينة العامة.
وتبين أيضاً أن حالة هذه الأبنية، وهي في غالبيتها سكنية، لا تراعي مواصفات البناء الوظيفي المصمّم خصيصاً للإدارات الرسمية ولا تتوافق مع أحكام المرسوم 16814 المتعلق بتحديد أصول إشغال الاماكن الإدارية، أي تحديد المساحات الوظيفية لكل فئة من الموظفين، كما أنها تنطوي على مساحات مهدورة، وليست مجهزة بمساحات للأرشيف، ولا تتوافر فيها شروط السلامة ضد الحريق والرطوبة، وتفتقر بمعظمها إلى تمديدات شبكة المعلوماتية والاجهزة الملحقة بها، وليس فيها قاعات محاضرات واجتماعات ملائمة.
ومن المباني الـ57، هناك 8 تفوق قيمة إيجاراتها مبلغ مليار ليرة وصولاً إلى 43 مليار ليرة. فعلى سبيل المثال هناك إيجارات معقودة لمباني إدارات تابعة لرئاسة مجلس الوزراء بقيمة 5580 مليون ليرة، ولوزارة الخارجية بقيمة 43042 مليون ليرة، ولوزارة الداخلية بقيمة 2201 مليون ليرة، ولوزارة المال بقيمة 4255 مليون ليرة، ولوزارة الأشغال العامة والنقل بقيمة 1206 مليون ليرة، ولوزارة الدفاع الوطني/الجيش بقيمة 3456 مليون ليرة، ولوزارة التربية والتعليم العالي بقيمة 24127 مليون ليرة... والحبل على الجرار.
أما لجهة العقارات التي تملكها الدولة وتصلح لإنشاء مبان حكومية عليها وتشييدها فهي 9 عقارات على الاقل: الأول رقمه 3016 ويقع في منطقة الشياح ــ بئر حسن. خُصّص جزء كبير منه لوزارات الصحّة، والدفاع، والاقتصاد، ومستشفى بيروت الحكومي، وسفارتي الامارات وقطر، ومبنى الأونروا، تجمّع المدارس، ووزارة الاتصالات (تشغله هيئة اوجيرو). لم يبق منه سوى قسمين، مساحتهما الإجمالية تبلغ 8350 متراً مربعاً، منها 1700 متر مربع بتصرف النقل المشترك (القسم A)، و6650 متراً مربعاً شيّدت عليها أبنية خاصة بطريقة غير شرعية (القسم B).
- العقار الثاني معروف باسم «ساعة العبد» في الأشرفية ورقمه 3582. مساحته 163689 متراً مربعاً وهو بتصرف مديرية سكك الحديد والنقل المشترك، وخُصّصت مساحات منه لبعض الإدارات: 5 آلاف متر لتشييد مبنى لوزارة الأشغال العامة، مساحة غير محدّدة لتشييد مبنى للمعهد المالي. وهناك 7 عقارات متفرقة في مدينة بيروت: المصيطبة 5277 ومساحته 830 متراً مربعاً. المصيطبة 3592 والمزرعة 4884 مساحتهما 7 آلاف متر مربع. المصيطبة 2969 مساحته غير محدّدة (!). الصيفي 1085 ومساحته 750 متراً مربعاً. مساحة 3618 متراً مربعاً غير محدّدة الموقع مستحقة للدولة من شركة سوليدير نتيجة إعادة تكوين الأملاك العامة. 25 ألف متر مربع في منطقة المدوّر جزء مستملك من العقار 356.
يقترح وزير التنمية العمل على «إزالة التعديات» وإقامة مجمّع لأجهزة الرقابة من 3 أبنية على القسم B من العقار الأول، لكل من مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والتنمية الإدارية (إيجاراتهما تبلغ 2269 مليون ليرة)، وهناك اقتراح بتشييد مبنى إضافي في هذا القسم لديوان المحاسبة الذي يبلغ بدل إيجاره السنوي 900 مليون ليرة.. فإذا اعتمد هذا الخيار، يتم توفير 3200 مليون ليرة على الخزينة.
لكن إذا تعذّر تخصيص القسم المذكور من العقار 3016، فالاقتراح أن يخصّص العقار 5277 ضمن 3 خيارات لتوفير نحو ملياري ليرة: لمجلس الخدمة المدنية والتنمية الإدارية معاً. لمؤسسة المحفوظات الوطنية. لديوان المحاسبة وإدارة الإحصاء المركزي.
ويوصي وزير التنمية بأن يستفاد من العقارين 3592 و4884 اللذين يستخدمان حالياً مرأباً لتجمّع المدارس في تلك المنطقة. فيما يجب انتظار تبلور حاجة سكك الحديد والنقل المشترك بالنسبة إلى العقار 356. أما عقار «ساعة العبد» فيجب استطلاع رأي وزارة الاشغال ومصلحة سكك حديد قبل تخصيص أي مساحة منه، «لأن هذا العقار مرتبط بنحو أساسي بخطّة الدولة المستقبلية لتطوير النقل المشترك وسكك الحديد».



27000 متر مربع

هي المساحة المبنية الإجمالية المطلوبة لإقامة مجمّع لنحو 4 أجهزة للرقابة، وهي مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، والتنمية الإدارية

700 دولار

هي الكلفة التقديرية الإجمالية للمتر المربع الواحد ما عدا الطوابق السفلية والحفريات وتسوية أرض مواقف السيارات والمقدرة بـ350 دولاراً

30.1 مليار ليرة

هي كلفة تشييد مجمّع يضمّ ديوان المحاسبة، مجلس الخدمة المدنية، التفتيش المركزي، الهيئة العليا للتأديب، والتنمية
الإدارية



مشكلة مواقف

يقول التقرير الذي أعدّه مكتب وزير التنمية محمد فنيش إن موظفي الإدارات العامة العاملين في مبان مستأجرة، يشكون من عدم توافر مساحات كافية لإيقاف سياراتهم، فضلاً عن سيارات أصحاب العلاقة، ما يكبّد الموظّف نفقة إضافية تتمثّل بدفع بدل اشتراك في موقف خاص بكلفة مرتفعة إذا توافر.. علماً بأن مواقف السيارات بدأت تتناقص تدريجاً، والشوارع لا تسمح بإيقاف سيارات الموظفين في محيط الإدارة.