هل يكفي أن يتطرق فنان تونسي إلى المسائل الدينية حتى تُعلن عليه حرب شعواء، تدور رحاها بالأساس في منتديات الإنترنت؟ بعدما اندلعت النيران الإعلامية ضد السينمائي النوري بوزيد والمسرحي توفيق الجبالي والكاتبة ألفة يوسف، ها هي السهام تتجه هذه المرة إلى الممثلة والمذيعة التلفزيونية سوسن معالج. وذنبها الوحيد أنّها تجرأت على كسر ما أصبح محظوراً في بلد الطاهر الحداد: العلاقة بين المرأة والإسلام.سوسن معالج لم تأت بجديد حين ذكّرت في شريط مصوّر بأهمية المكاسب الحداثية التي حققتها المرأة التونسية حتى اليوم، مضيفةً إنّ هذه الإنجازات أصبحت مهددة بسبب عمليات «غسيل الدماغ» التي تمارسها بعض القوى المحافظة في تونس. طبعاً، لم يكن هذا التصريح غوصاً علمياً في هذه القضية الشائكة، ولم يتجاوز رأياً سريعاً خطفته الكاميرا لوجه تلفزيوني معروف في البلاد. إلا أن حجم ردة الفعل التي انهالت على سوسن، تكشف عن حجم التغلغل الديني المنغلق والمتزمت لدى التونسيين الذين اشتهروا سابقاً بالتحرر، مقارنة بالدول المجاورة. معالج حذّرت مما سمته «الطاعون الذي ينخر المواطن العربي»، لتجد أن الطاعون الظلامي تغلغل فعلاً بين التونسيين.
وجاء حديثها إثر مشاركتها تمثيلاً في فيلم روائي قصير بعنوان «حيرة» للمخرجة نجوى سلامة ليمام. الشريط الذي عُرض ضمن مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» الأخير، تناول قصة الشابة «ليليا» المتحررة إلى حد جعلها تعيش حالة من الضياع وفقدان البوصلة، وأختها «زينب» المحافظة والمنغلقة التي ترفض التواصل مع الآخر. وإثر تصريحات سوسن هذه، تداولت المواقع الإلكترونية صوراً شخصية لها محاطةً بأصدقائها في إحدى الحانات. ووسط هذا، راح الكل يدافع عن «إسلامه» بوابل من الشتم ضدّ سوسن، مستخدماً أبشع العبارات والمصطلحات وأكثرها سوقية وبذاءة.
سوسن معالج التي تشارك حالياً بشخصية «أنيسة بوسّات» المتهكمة في البرنامج الشهير «ناس نسمة» الذي تبثه القناة الفضائية المغاربية «نسمة تي في»، لم يعرف عنها سابقاً اتخاذ أي مواقف جريئة في بعض المسائل المحرجة. لكن يكفيها هذه المرة أنّها ـــ وبصورة غير متعمدة ـــ عرّت حالة الانفصام المرضية التي تعانيها الشخصية التونسية.