بين شغله الدائم في التمثيل، وسعيه إلى متابعة أبرز الأحداث السياسية في العالم، يبدو جدول أعمال جمال سليمان مزدحماً. وكما كلّ عام، على النجم السوري أن يختار بين عشرات الأعمال الدرامية التي تعرض عليه، ليقدّم ما يرضي جمهوره. وهو ما يعيدنا إلى الأعمال التي ظهر من خلالها في رمضان الماضي: «ذاكرة الجسد» مع نجدت أنزور، والمسلسل المصري «قصة حبّ».
وفي هذا الأخير تطرّق سليمان إلى مواضيع تقلق شريحة كبيرة من الجمهور العربي. تدور أحداثه داخل إحدى المدارس، «لا تزال مجتمعاتنا العربية بعيدة كل البعد عن توصيف مشاكلها التعليمية بنحو واقعي. وتبقى معظم المؤتمرات التي تناقش هذه القضايا أكاديمية ونظرية بعيدة عن الواقع»، يقول سليمان من دون أن يخفي سعادته في نجاح العمل. ويرى أن أهميته هي في ملامسته لهموم واقعية؛ «إذ إن مجتمع التعليم بات يميّز بين أبناء الطبقة الميسورة والطبقة الفقيرة من خلال خصخصة هذا القطاع».
أما «ذاكرة الجسد» المقتبس عن رواية أحلام مستغانمي، فلم يحقّق النجاح الجماهيري المتوقّع. كذلك فإنّه تعرّض لمجموعة من الانتقادات، أبرزها أنّه كان سيفشل لولا أداء جمال سليمان.
هنا يقول النجم السوري إن «ذاكرة الجسد» حقق الجماهيرية التي كان يستحقها لا أكثر. ويشرح أن العمل كان يمكن أن يظهر بصورة أكثر تماسكاً وكثافة لو قُدِّم في خمس عشرة حلقة تماشياً مع حجم الأحداث التي تقدمها الرواية. لكنه يعود ويقول إن الملسلسل طرح أفكاراً مهمة «لم تكن تتمتّع بالجاذبية التي يشتهيها متابعو التلفزيون عموماً».
وعن الموضة الرائجة هذه الأيام والمتمثلة في تنصل الكتّاب من تدني مستوى الأعمال وتحميل المسؤولية دائماً للمخرج، يبتعد جمال سليمان عن إبداء الرأي في أي عمل فني لم يشتغل فيه. ويرى أن لكل تجربة ظروفها «أنا مسؤول عما قدمته وأُحاسب عما أقوله». وفي هذا الإطار، عبّرت أحلام مستغانمي عن عدم رضاها عن الصورة التي خرج فيها «ذاكرة الجسد». وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول سليمان: «لكل نجاح ألف أبٍ وأم، بينما الفشل يتيم لا يجد له أبوين. المسألة منتهية بالنسبة إليّ، إذ إنني أعرف أن العمل واجه مشاكل نتيجة صعوبة تحويل الرواية إلى ثلاثين حلقة. لكن لو عاد بي الزمن إلى الوراء، لوافقت من جديد على تجسيد شخصية خالد بن طوبال».
وكان سليمان قد صرّح في وقت سابق بأن تقديم الروايات في أعمال درامية هو الحلّ الأفضل لخروج المسلسلات السورية من دائرة التكرار. يوضح النجم السوري فكرته هذه، مؤكداً أن هذه النظرية لا تُبنى على تجربة واحدة، بل إن الرواية عموماً يمكن أن تكون مصدراً للإبداع، «من دون أن نكتفي بتحويل الروايات إلى سيناريوات... مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الروايات لا تصلح لتحويلها إلى مسلسلات تلفزيونية. كذلك لا بدّ من أن نتحرر من قيد الثلاثين حلقة».
ويلفت بطل «التغريبة الفلسطينية» إلى التدخل الديني الذي حصل أخيراً في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» الذي اتهمه الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي بالوقوف وراء شحّ الأمطار في سوريا بسبب إساءته إلى الله! وينتقد سليمان بشدة عقلية المنع لدى بعض رجال الدين. ويرى أن «رجال الدين يصيبون أحياناً في منعهم بعض الأعمال، لكنهم قد يخطئون في منع عشرات الأعمال التي يجب على الجمهور متابعتها». هكذا يقول سليمان إنه ضد فتاوى المنع، و«لا بد من التخلي عن مبدأ الحصانة التي تتمتع بها بعض المجموعات الدينية، ما دام الكثير من المسلمين يختلفون في ما بينهم في مفهوم التعاليم الدينية، ولا بد من ترك الأعمال تخرج للنور، ثم الحديث عنها علناً والابتعاد عن سياسة الهمس، والتعتيم، وطمس رؤوسنا في الرمل».
بعيداً عن كل ذلك، لم يحسم جمال سليمان بعد أمر مشاركته الدرامية في الموسم المقبل، إلا من خلال مسلسل مصري هو «قطار الصعيد» الذي كتبه فايز رشوان، مقتبساً التفاصيل عن رواية يوسف القعيد بالعنوان نفسه. أما الإخراج فيتولاه جمال عبد الحميد وتنتجه شركة «العدل غروب». وقد سبق لرشوان أن قدم نصاً إذاعياً عن الرواية نفسها بعنوان «المهرة والخيال». وبعدما حقق نجاحاً كبيراً في الأعمال الصعيدية، يؤدي سليمان في المسلسل دور حاتم، وهو الصعيدي الذي يقرر فجأة تغيير حياته وحياة الأشخاص المحيطين به. وعن العمل، يقول النجم السوري: «قررنا تأجيل البدء في التصوير نحو شهر لأن النص يحتاج إلى مراجعة». لكن ماذا عن العمل في سوريا؟ يقول بطل «ملوك الطوائف» إنه لم يختر حتى الآن أي مسلسل، ذلك لأن النصوص التي يقرأها تعاني إما شحّاً في المتعة أو قساوة في تناول القبح والمشاكل الاجتماعية.


سليمان «وصدام»

بعد تكريمه من الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» بان كي مون على مجمل أعماله، فاز جمال سليمان بـ«جائزة أفضل ممثل سوري» عن دوره في مسلسل «ذاكرة الجسد». وقد حصل النجم السوري على هذه الجائزة خلال الحفلة التي نظمتها وزارة الإعلام السورية أول من أمس. وبينما تناقلت بعض المواقع الإلكترونية خبراً مفاده أن سليمان سيؤدي شخصية صدام حسين في مسلسل يخرجه الليث حجو (الصورة)، نفى سليمان ذلك، قائلاً: «المسلسل سيظهر فيه صدام حسين لكنني اتفقت شفهياً مع صناع العمل على تجسيد دور البطولة فيه، وهي شخصية مواطن عادي يتعرف إلى الرئيس العراقي الراحل فيؤثر في حياته تأثيراً كبيراً». ومن المتوقّع أن تدور كاميرا حجو لتصوير «أنا وصدام» الذي تنتجه «فردوس للإنتاج» بداية شهر نيسان (أبريل) المقبل.