سيصل بابا نويل إلى سنّ التقاعد، بعد خمسة عشر عاماً من الآن. لكنّ الرجل لن يترك الساحة خالية، ولن يحرم أطفال العالم رؤية الهدايا تحت شجرة الميلاد. كلّ ما عليه فعله هو أن يختار خلفاً له، قبل ليلة الميلاد، وإلا فسيختفي سحر الأقزام من القطب الشمالي إلى غير رجعة. أمّا معايير اختيار الخلف الصالح فهي: أن يكون اسم الطفل نقولا، وأن يكون يتيماً و... «نقي القلب». المخرج الفرنسي لوك فانسيغارا، وجد الطفل المثالي لتولّي المهمة، في أحد مياتم أوستراليا. ها هو نقولا الصغير يصل إلى الصالات اللبنانية ليلة العيد...
بعيداً عن اكسترافاغنزا الأبعاد الثلاثة والمؤثرات الخاصة، يقدّم فانسيغارا فيلم تحريك بالأكواريل، وأقلام الرصاص، عنوانه: «تلميذ بابا نويل» L’apprenti Père Noël. العمل هو النسخة السينمائية من مسلسل أفلام الكرتون الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، وتواصل قنوات برامج الأطفال المتخصصة عرضه منذ عام 2006. في مثل هذه الأيام من العام الماضي، شغلت الصالات بنسخة ثلاثية الأبعاد من مغامرات إيبينيزر سكروج، في شريط «أغنية الميلاد» المأخوذ عن رواية تشارلز ديكنز الشهيرة. هذا العام، جاء «تلميذ بابا نويل» كي ينقذ الموقف، ويحيي أجواء الميلاد في الصالات اللبنانيّة المعتمة. ساعة وعشرون دقيقة من الخيال، سنواكب خلالها تحوّل نقولا من طفل يتيم منسيّ، إلى وريث سانتا الشرعيّ.
نسينا أن نقول إن نقولا، رغم تمتّعه بالمواصفات المطلوبة، والموهبة اللازمة، يعاني مشكلة بسيطة. فهو لا يثق بقدرته على زيارة كل بيوت العالم في ليلة واحدة. كذلك فإنّه يصاب بالدوار في الأماكن المرتفعة، فكيف يجرؤ على دخول المداخن. هل سيغيّر سانتا رأيه، ويعدل عن فكرة تسليم المشعل (وكيس الهدايا الأسطوري) إلى نقولا؟ يبدو لنا الرجل الضخم بزيّه الأحمر ولحيته البيضاء، غير متحمّس للتقاعد أساساً. فهو لم يتقبّل بعد فكرة أن يترك الدفّة لغيره، وخصوصاً أنّه أمضى أكثر من قرن في ممارسة المهنة!
شريط التحريك هذا هو أول فيلم طويل ينجزه فانسيغرا، تسبقه إلى الصالات شهرة المسلسل الكرتوني. في عصر التقنيات الحديثة، والأفلام الثلاثية الأبعاد، يأتي خيار المخرج لافتاً، على مستوى الجماليّات والتقنيّات. لقد اختار تحقيق فيلم بسيط يعتمد على التقنيات الأوليّة فقط. هكذا جاء «تلميذ بابا نويل» بسيطاً في الشكل، يعيدنا إلى كلاسيكيات أفلام الكرتون، كأنّه نسخة متقدّمة من «بيل وسيباستيان» أو «عدنان ولينا». كأنّه فيلم تحريك من عصر ما قبل «الديجيتال»، وما قبل نظارات الـ3D...
من جهتها، فشلت التقنيات الثلاثيّة الأبعاد في تقديم فيلم ميلادي ناجح. هذا على الأقل ردّ فعل النقاد على شريط «كسارة البندق» لأندريه كونشالوفسكي... كانت نيّة المخرج الأميركي من أصل روسي، إنجاز عمل يحاكي عوالم باليه تشايكوفسي الرائعة. المؤلف الروسي كتب عام 1892 موسيقى أحد أشهر أعمال الباليه في التاريخ. اقتبسها في ذلك الحين عن ترجمة ألكسندر دوما لرواية «كسارة البندق وملك الجرذان» (1816) للقاصّ الألماني إرنست تيودور هوفمان. الشريط من بطولة إيل فاننغ، وعرض في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» وقد لا نراه في الصالات اللبنانية. فقد استقبلته الصالات العالميّة بفتور، بسبب تشويهه للباليه والرواية على حد سواء.
نحن في فيينا عام 1920. إنّها ليلة العيد، وماري ابنة التاسعة تنتظر هديتها، قبل أن يعطيها العم ألبير، هدية ستغيّر حياتها... وهي كسارة بندق خشبيّة. نكتشف أنّ الرجل الخشبي الصغير، ليس إلا أميراً، حلّت عليه لعنة، وطرده ملك الجرذان من مملكته. ستتبع ماري كسارة البندق إلى عوالم خياليّة، تدور فيها حرب شعواء بين الجرذان والأمير. خيوط الحبكة الأصلية، تشبه القصّة على نحو ما. لكنّ الفيلم حوّل جمال الباليه إلى لقطات نمطيّة، إذ لا أثر فيه لرقصة نتف الثلج الشهيرة مثلاً، ولا للموسيقى الخالدة. «كأننا أمام عمل مستنسخ عن «أليس في بلاد العجائب»، و«ساحر أوز» في آن»، كتبت «نيويورك تايمز». كلّ ما بقي من تشايكوفسكي في «كسارة البندق 3D»، شذرات موسيقيّة ألصقت بطريقة عشوائية في الموسيقى التصويريّة. أفلام الميلاد هذا العام إذاً، تعلن انتصار رومنسيّة الكرتون الكلاسيكي، على بهرجة الإنتاجات الرقميّة الضخمة.

Santa’s Apprentice
سينما سيتي (01/899993)، أمبير سوديكو (1269)، غراند كونكورد (01/343143).


الجميلة والوحش وإيبينيزر سكروج

الذين يفضلون الابتعاد عن صخب صالات السينما في موسم الأعياد، ليس أمامهم سوى أن يبحثوا عن بعض كلاسيكيات «كريستماس» على أسطوانات فيديو رقميّة dvd. نذكّر مثلاً بـ«الجميلة والوحش: الميلاد المسحور» Beauty and the Beast: The Enchanted Christmas, وفيه تحاول بيل أن تقنع الوحش بضرورة الاحتفال بالعيد. نزل الفيلم المذكور إلى الصالات في عام 1997، بعد ست سنوات على إنتاج «ديزني» لفيلمها الشهير «الجميلة والوحش»، وها هو يصدر على دي. في. دي. في مناسبة أعياد نهاية 2010. كلّ شخصيات القصّة التقليدية موجودة هنا، لكنّ الوحش منع جميع سكان القصر من ممارسة تقاليد الميلاد، وتبادل الهدايا. من إنتاج «ديزني» أيضاً، وبعد عام على وصوله إلى الصالات العالميّة، يصدر A Christmas Carol 3D على دي. في. دي. يؤدي فيه جيم كاري دور إبينيزر سكروج، في عمل من إخراج روبرت زيميكيس، يدفع الإبهار إلى حدوده القصوى.