دمشق| في كل مرة، يقرّر أحد المخرجين تنفيذ مسلسل يروي سيرة فنان، أو شاعر، أو سياسي، تبدأ حملات الهجوم ضدّه: تارةً من خلال التهديد والوعيد، وطوراً من خلال نصحه بالتراجع عن إنجاز العمل، وغالباً ما تقود هذه الحملات عائلة الشخصية محور العمل، أو جمهورها المتوزّع على الشبكة العنكبوتية. وبالفعل، واجه النجم السوري فراس إبراهيم كل ذلك حالما أعلن نيّته إنتاج مسلسل «في حضرة الغياب»، الذي يروي سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. لكن هذه المرة لم تكن الحملات وحدها التي وقفت في وجه إبراهيم، بل إن هذا الأخير تعرّض مع مرسيل خليفة لحادث سير كبير أثناء عودتهما من اجتماع مع عائلة درويش في عمان.
وازدحمت المواقع الإلكترونية أخيراً بخبر مفاده أن عائلة الشاعر الفلسطيني وأصدقاءه مستاؤون من استبعادهم عن مناقشة سيناريو العمل منذ بدء إنجازه، كما نُقل عن أحمد درويش، شقيق الشاعر الراحل، قوله إنّ «الوقت لا يزال مبكراً على إنجاز عمل يحكي سيرة قامة بحجم محمود دوريش». وأضاف إنه يفضّل أن يجسد شخصية شقيقه ممثل آخر غير فراس إبراهيم. كذلك، نقل الخبر تصريح المحامي جواد بولس، صديق درويش، الذي تحفّظ على السيناريو بعد قراءته، «لأنه يهمّش جوانب في شخصية محمود»، إضافةً إلى ذلك، جاء في معرض الخبر نفسه أنّ مرسيل خليفة يشاطر أصدقاء الراحل وعائلته التوجس والقلق من ألّا يفي العمل الشاعرَ حقّه، لكن بسرعة قصوى، ردّ فراس إبراهيم على هذا الكلام نافياً كل ما جاء فيه، مشيراً إلى أنّ الأمر برمّته مجرد فبركة صحافية. وقال: «اجتمعنا مع عائلة درويش وأصر أحمد درويش على أن أقوم أنا بتجسيد الدور». وأوضح إبراهيم أنه بذل جهداً كبيراً لإنجاز المسلسل ولن يتراجع عن إنجازه. وأضاف إنه رغم وضعه الصحي، فإنه يتابع تطورات التصوير، ويلاحق يومياً كل ما يُنجَز من المشاهد التي يصورها المخرج نجدت أنزور في القرية التي بُنيت خصيصاً للمسلسل في الجولان السوري. وفي وقت حاولت فيه «الأخبار» عبثاً الاتصال بمرسيل خليفة للوقوف عند رأيه في القضية، قال المحامي غانم زريقات الصديق المقرّب من عائلة درويش في الأردن إنّ الخبر الذي تناقلته المواقع الإلكترونية عارٍ من الصحّة، ورأى أنّ الحملة «ظلم للمسلسل»، مضيفاً إنّّ عائلة درويش اجتمعت مرتين بفراس إبراهيم ومرسيل خليفة لمناقشة المسلسل، ولم تُبدِ أيّ اعتراض على العمل، بل على العكس.
من جانب آخر، كان يُفترض أن تؤدي النجمة سوزان نجم الدين دور حورية، والدة درويش، لكنها اعتذرت قبل يومين من بدء التصوير. وقال إبراهيم إنّ نجم الدين اعتذرت بعدما طلبت أن تزيد مساحة دورها لكنّ طلبها لم يستجَب، وقد استُبدلت بالممثلة لينا حوارنة.
مع ذلك، يبقى الشيء الأهم أن إبراهيم يخضع لفحوص طبية باستمرار، على أن يحدد الأطباء إمكان تجسيده الدور بعد حوالى عشرة أيام. ومهما كانت النتائج، فالجهود التي بذلها فراس إبراهيم حتى الآن تستحق التقدير، بدءاً من تفرغه للمشروع منذ أكثر من عامين، ثم تأمينه ميزانية تفوق 4 ملايين دولار لإنجازه، مروراً باتفاقه مع مرسيل خليفة على وضع بصمته الموسيقية على «في حضرة الغياب»، وسفره معه لأخذ موافقة عائلة الشاعر الراحل، بعد اتفاقه مع نجدت أنزور ليقود المسلسل. كل هذه الجهود تفرض انتظار العمل حتى يُعرض، بعدها فقط، يمكن الحكم على مدى نجاح التجربة أو فشلها.