قد لا تكون 2010 من أفضل السنوات على الإعلام اللبناني: أزمات ماليّة، ودعاوى قضائية، ورقابة دينيّة واجتماعيّة وسياسيّة حاصرت وسائل الإعلام المحليّة. ولعلّ الحدث الأبرز الذي شغل الرأي العام اللبناني صدور القرار الظني في دعوى «القوات اللبنانية» على رئيس مجلس إدارة lbc بيار الضاهر. اتهم القرار الضاهر بـ «إساءة الأمانة والاحتيال وتهريب أموال المدعية (القوات)». ولم يسلم الموظفون من هذه الخلافات، فحصلت استقالات جماعية، وكان أبرزها استقالة شذا عمر مباشرة على الهواء. وحالما هدأت موجة lbc، اندلعت مواجهة مشابهة بين «حزب الكتائب»، و«الشركة العصرية للإعلام» (آل الخازن). هذه المرة، تحوّلت الإذاعة إلى إذاعتين، وانتقل ورثة سيمون الخازن ومعهم الإعلامية وردة الزامل إلى مبنى جديد في ضبيه، ليستعيد الكتائبيون مبناهم في الأشرفية. وحتى الساعة، لا يزال الصراع قائماً حول أحقية استخدام اسم الإذاعة.
ومن «صوت لبنان» إلى إذاعة «الشرق»، حيث أطلّت الأزمة المالية برأسها، بعد صدور قرار بإعادة هيكلة المؤسسة، وصرف أكثر من 38 موظفاً من أصل 70.
ولم تكن «الشرق» وحدها من تأثّر بالأزمة، بل بدت كل مؤسسات «تيار المستقبل» الإعلامية على شفير الإفلاس، خصوصاً «أخبار المستقبل»، ما دفع عدداً من العاملين في المحطة إلى إنشاء مجموعة على «فايسبوك» للمطالبة بمستحقاتهم. وتعدّدت الخطط المطروحة للخروج من هذا النفق، وكان أبرزها دمج «أخبار المستقبل» بقناة «المستقبل»، خصوصاً بعدما انتهى الدور السياسي للمحطة الأولى إثر التقارب المستقبلي ـ السوري. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى سعي صحيفة «الحياة» إلى تخفيف أعبائها عبر صرف أسماء بارزة من صحافييها في بيروت بحجّة بلوغهم سنّ التقاعد.
لكن الأزمات لم تكن فقط مالية أو قضائية، بل إن الرقابة الدينية والاجتماعية والاقتصادية ضربت من جديد، مستهدفة برامج الترفيه. هكذا طالب رجل دين بوقف برنامج «لول» على otv، بحجة أنه «يروّج للفسق والفساد». ولم يسلم «أوفريرا» الكوميدي الذي تعرضه المحطة نفسها من المشاكل، بعدما رفع رئيس مجلس إدارة «سيوسييتيه جنرال» أنطون الصحناوي دعوى على المحطة بسبب أحد الاسكتشات التي تناولته تلميحاً. وكادت الدعوى أن تقفل الشاشة البرتقالية بسبب التعويض المالي الكبير الذي طلبه الصحناوي.
على جبهة التشريع، قدّمت جمعية «مهارات» مشروعاً لقانون الإعلام، يُتوقّع أن يناقش في مجلس النواب، فيما سبّب اقتراح قانون جديد للإنترنت قدّمه مشرّعون ونواب صدمة للّبنانيين بسبب المواد الرقابية الكبيرة التي نصّ عليها. وفي ظلّ هذه المشاكل، بقيت حال نقابة المحررين اللبنانيين على ما هي عليه، حتى بعد رحيل النقيب «الأبدي» ملحم كرم. حتى الساعة، لم ينتخب المجلس نقيباً جديداً، بسبب فشل التوافق على اسم واحد، وغياب نيّة بناء نقابة مهنيّة على أسس شفافة وديموقراطيّة وعصريّة ومتعالية عن العصبيات والنفعيّات.
وعند النظر إلى العام التلفزيوني المنصرم، لا بدّ من الإشارة إلى حلقة «كلام الناس» عن التسلّح التي أثارت جدلاً واسعاً في لبنان بسبب التحريض والتجييش اللذين تضمنتهما بمباركة مارسيل غانم. وقد خلقت mtv سابقة غريبة، إذ انهالت في مستهلّ نشرتها الاخبارية الرئيسية، على جريدة «الأخبار» تخويناً وتجريحاً، بسبب مقالة نقدية لبعض البرامج، نشرت في صفحاتها. أما الحدث الأبرز الذي يحمل أبعاداً خطيرة، فهو قرصنة موقع صحيفة «الأخبار» على أثر نشرها سلسلة وثائق حصرية من «ويكيليكس» تظهر الوجه الحقيقي لشخصيات لبنانية وقيادات عربيّة.