لم يكن المشهد الإعلامي الفلسطيني أفضل حالاً من السنوات السابقة. وبدا واضحاً في 2010 أن الخلافات الداخلية بين «فتح»، و«حماس» انعكست على الإعلام على نحو مباشر ومأسوي. البداية مع الفضيحة التي أثارتها «القناة العاشرة» الإسرائيلية التي عُرفت بـ«فتح غيت». حالما نشرت المحطة عدداً من الوثائق الفلسطينية الرسمية، وتسجيلات الفيديو التي كشفت تورط مسؤوليين في «سلطة رام الله» في قضايا اختلاس وابتزاز جنسي...
هبّ إعلام «فتح» للدفاع عن «المفضوحين». هكذا صوّرت محطات السلطة ما عرضه التلفزيون الإسرائيلي كمؤامرة تهدف إلى «كسر إرادة المفاوض الفلسطيني»!
وبعيداً عن الفضائح، اقتصر التصويت في انتخابات «نقابة الصحافيين» التي جرت في رام الله على إعلاميي الضفة الغربية، بعدما أصدرت «محكمة العدل العليا» في غزة قراراً بإيقافها. الانتخابات التي فازت بها قائمة «منظمة التحرير الفلسطينية» لقيت استنكاراً فلسطينياً وعربياً.
هذا العام أيضاً، واصلت «السلطة الفلسطينية» انفتاحها على «الجمهور الإسرائيلي»، وذلك ضمن حملة إعلامية أطلقتها السلطة تحت شعار «بارتنرز» (شركاء). هدفت الحملة إلى إقناع الإسرائيليين «بوجود شريك سلام فلسطيني». ولم تتردّد بطرح شعار «حل الدولتين». كذلك اعتذر فيها رئيس دائرة المفاوضات صائب عريقات اعتذاراً غير مباشر للإسرائيليين!
من جهة أخرى، واصلت جريدة «القدس» المقدسية سياسة التطبيع، بنشرها «تهاني وتبريكات» كل من «وزير الدفاع الإسرائيلي» إيهود باراك و«رئيس شرطة أورشليم القدس» الجنرال أهارون فرانكو إلى «المسلمين مواطني دولة إسرائيل» لمناسبة حلول شهر رمضان!
وعلى صعيد انتهاك حقوق الصحافيين، فقد سُجلت سابقة جديدة في مجال محاصرة الحريات الإعلامية لهذا العام. إذ أصدرت محكمة عسكرية فلسطينية في نابلس، حكماً بالسجن لمدة سنة ونصف على مراسل فضائية «الأقصى» التابعة لـ«حماس» طارق أبو زيد الذي أُطلق سراحه قبل أسابيع. هذه المحاكمة لاقت استنكاراً من جهات قانونية وصحافية عدة. وفي قطاع غزة، سمحت «إسرائيل» بدخول الصحف اليومية الثلاث: «القدس»، و«الحياة الجديدة»، و«الأيام» إلى القطاع بعد منعها منذ أواخر عام 2008. لكن «حكومة حماس» منعت توزيعها، بعد رفض أصحاب هذه الصحف «توقيع وثيقة تضمن عدم التعرض لحركة «حماس» والوضع السائد في قطاع غزة». وأكثر من أي وقت مضى بات واضحاً أن الاعتداء على حرية الصحافة مرتبط مباشرة بالمنافسة السياسية بين «سلطة رام الله» و«حركة حماس». أما الاحتلال الإسرائيلي فقد واصل جنوده الاعتداء على الصحافيين الذين كانوا يغطون الأحداث التي حصلت في القدس المحتلة، ومسيرات قريتَي بلعين والنبي صالح ضد الجدار العنصري ومصادرة الأراضي. كذلك اعتدوا على الصحافيين في بلدة أم الفحم، أثناء تغطيتهم لتظاهرة المستوطنين المتطرفين فيها.
من جهتها كانت المفاجأة الفرنسية، منع «فضائية الأقصى» من البث على قمر «يوتيل سات» الفرنسي بحجة أن المحطة «تعزّز الكراهية»، ويذكر أن «الأقصى» منعت أيضاً من البث على قمر «نايل سات» المصري.
أخيراً، شهد الشهر الأخير إغلاق 18 وسيلة إعلامية في الضفة الغربية، بتهمة «عدم دفع الديون المترتبة على كل محطة عن أربع سنوات مضت». هذا الإغلاق سبقه قرار «سياسي» بإغلاق مكتب فضائية «فلسطين الغد» في رام الله التابعة لعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» محمد دحلان. وفيما أكدت «السلطة الفلسطينية» أن «قرار الإغلاق له علاقة بإجراءات قانونية بالتراخيص فقط»، إلا أن الصراع بين دحلان ومحمود عباس يبدو السبب الأساسي في إغلاق هذه المحطة.