«عذراً على رداءة التلفزيون»، لم يكن ما سبق تعليقاً في أحد البرامج الساخرة، بل عبارة قالها وزير الإعلام الجزائري ناصر مهل أمام البرلمان. وجاء تصريحه بعد فشل قسم البرمجة في التلفزيون الرسمي في جذب المشاهد الجزائري في رمضان الماضي، إثر تغييب الدراما المصرية، والتركيز على المسلسلات السورية، والأعمال المحلية التي طغت عليها صفة الارتجالية.اعتذار توقّع كثيرون بعده أن يُعاد النظر في السياسة المنتهجة، والبحث عن سبل التغيير، وإنقاذ المحطة الرسمية من سباتها. لكن للأسف مرت أشهر ولم تتبدّل الصورة.
وكان عام 2010 قد شهد ـــــ إلى جانب الفشل على المستوى المرئي ـــــ سيطرة حكومية على الصحافة المكتوبة من خلال فرض الضرائب الجبائية على الجرائد والمطابع، وترهيب وتخويف، وتكميم أفواه الصحافيين، وملاحقتهم قضائياً. ويشير المحامي الجزائري خالد بورايو إلى أن السنوات العشر الماضية سجلت ما لا يقل عن 400 قضية ملاحقة قضائية في حق صحافيين جزائريين.
كذلك، فإن عام 2010 شهد احتفال الجزائر بمرور عقدين على إنشاء الصحافة المكتوبة المستقلة التي أبصرت النور عقب إقرار قانون «نيسان/ أبريل 1990». وهو القانون الذي فتح الطريق أمام صدور أولى اليوميات الوطنية، ليبلغ عددها اليوم ثمانين مطبوعة مختلفة. ولكن هذا الازدهار لم يمنع السلطة القضائية من مواصلة مسلسل الرقابة والتضييق على الحريات. هكذا أدانت الصحافي والأكاديمي أحمد رواجعية بالسجن ستة أشهر تسديداً لغرامة مالية. وجاء ذلك بعد نشر الإعلامي الجزائري مقالة تناول فيها هشاشة «الجامعة الجزائرية». كذلك أوقفت السلطة الصحافي والمناضل اليساري جيلالي حجاج الذي تعرض لتحقيقات ماراتونية، بعد اتهامه بتوقيع شهادات طبية مزوّرة، عدّتها تنظيمات حقوقية ناشطة مجرد حجة تهدف إلى ترهيب حجاج. وهذا الأخير هو أيضاً ممثل «منظمة الشفافية العالمية» في الجزائر.
وشهد هذا العام أيضاً عودة النقاش في قانون الإعلام الذي رأى كثيرون أنه يحتاج إلى تعديلات، لأنه لا يتماشى مع التطورات التي يعيشها قطاع الإعلام. كذلك طالب المعنيون والحقوقيون بفتح القطاع المرئي والمسموع أمام الشركات الخاصة، وإخراجه من دائرة الاحتكار، كما هي الحال في الدول المجاورة. والأبرز كان استمرار حملات الهجوم على مصر، من خلال مقالات وعبارات ومصطلحات مسيئة لـ«المحروسة»، بهدف منع التفاهم بين الدولتَين العربيتَين.
وعند إلقاء نظرة سريعة على العام المنصرم، لا بدّ من تسجيل غياب إحدى أكثر الصحافيات جرأةً، وهي باية قاسمي التي توفيت في شهر نيسان (أبريل).