نظرة سريعة على المشهد الإعلامي التونسي في 2010، تؤكّد لنا حقيقة واحدة: البروباغاندا السياسية البدائية لم تدفن نهائياً رغم ثورة الاتصالات والمعلومات! واصلت تونس احتلالها المراتب السفلى في تقارير حرية الصحافة. ولا يزال نظام الرئيس زين العابدين بن علي يُحكم قبضته على مختلف وسائل الإعلام. مع ذلك، يتكرّم «اتحاد الصحافيين العرب» بمنحه درعاً تقديرية لدوره «في الدفاع عن الصحافة في الوطن العربي». هكذا أصبح «بينوشيه العرب» ـــــ وفق تعبير «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» ـــــ أبرز المدافعين عن حرية التعبير... هو الذي زجّ، خلال حكمه منذ سنة 1987 أبرز الأقلام المعارضة في السجن. وبالتزامن مع تكريم بن علي، كان الصحافي الفاهم بوكدوس، يحاكم بتهمة «نشر معلومات من شأنها الإضرار بالنظام العام». وقد صدر بحقّه حكم بالسجن أربع سنوات بعد إعداده تقارير تلفزيونية تناولت الاضطرابات التي شهدتها مناطق جنوب البلاد قبل عامين. ورغم أن قضية بوكدوس لم تكن يتيمة في قاعات المحاكم، إلا أنها ظلّت الأبرز بسبب الوضع الصحي السيئ الذي يعانيه.على جبهة الإنترنت، حاول ناشطون تنظيم اعتصام أمام مقر وزارة الاتصالات للمطالبة بإلغاء الرقابة، والحجب الممارسين على آلاف المواقع. لكن ذلك لم يثن السلطة عن الاستمرار بنهجها التعسفي. وعندما حاول النظام الترويج لفتحه قطاع الإعلام أمام الشركات الخاصة، من خلال منح ترخيصين لإنشاء إذاعتين، تبيّن أن أصحاب التراخيص هم أقرباء زين العابدين بن علي.
القنوات التلفزيونية الحكومية من جهتها، لم تخرج من رتابتها المعهودة، وفشلت في جذب المشاهد التونسي إلا عند عرض مباريات كرة القدم، وفي سهرات رمضان. هكذا خصصت «نسمة تي في» شهراً كاملاً لفلسطين بعنوان «فلسطين في قلب المغرب الكبير». فيما رسا الخيار على محطة «تونس7» لتعرض النسخة المغاربية من برنامج «ستوديو الفن» بعدما فشل الاتفاق بين المخرج اللبناني سيمون أسمر وقناة «حنبعل تي في».