دمشق ــ خليل صويلحافتتحت «غاليري قزح» في دمشق القديمة موسمها بمعرض مشترك جمع ثلاث تجارب متباينة في تقنياتها تحت عنوان «فن الحياة». الفكرة اقترحها التشكيلي المعروف نذير إسماعيل، حين قرر عرض مقتنياته من الفنون الفطرية التي جمعها خلال ثلاثة عقود: أيقونات شعبية، ولوحات خط عربي، بينها أعمال نادرة للخطاط الدمشقي الرائد بدوي الديراني، والخطاط التركي يوسف رسا، وكراسٍ وطاولات قديمة. لكننا سنتوقف أمام مفارش وأغطية مخدات وبسط حاكتها بدويات مجهولات وفقاً لذائقة متوارثة، ورسوم لسيرة عنترة وعبلة لا تحمل توقيعاً. يقول نذير إسماعيل «ينبغي أن نلتفت بجدية إلى مقتنيات الناس العاديين، ونتعرّف إلى الذائقة الشعبية في النظرة إلى الفنون، من دون ادّعاء ثقافي. المحترف السوري أهمل طويلاً أهمية الموروث في بناء لوحة لها علاقة بالعيش».
أعمال نادرة للخطّاط الرائد بدوي الديراني
بعض القطع النادرة اقتناها هذا التشكيلي من باعة البسطات في الأسواق الشعبية، وأخرى وجدها في «سوق الحرامية». في جناح آخر، سنتوقف مع منحوتات نور عسلية في معرضها الفردي الأول. وجدت هذه النحّاتة الشابة في مفردة «الجمل» ملاذاً تعبيرياً في تشييد منحوتاتها عبر تقنيات ومواد مختلفة، وتبرّر اختيارها «سفينة الصحراء» موضوعاً وحيداً لمعرضها بقولها «يحمل الجمل كثافة تعبيرية، وخصوصية في الشكل. يتميز بضخامته ورشاقته، وتوازنه القلق وتعدد احتمالاته الحركية. ما يجعله مفردة نحتية متكاملة». هكذا تُجرّب نور هذه المفردة باستعمالات نُصبية مختلفة، وبأحجام متفاوتة، عبر التركيز على الأطراف وعلاقتها بالكتلة المركزية، في تكوينات متنافرة، ومزجها بخامات متنوعة مثل البرونز والحديد والخشب. هي لا تتوقف عند حال، في تحوير الكتلة باستمرار، ونسف التصورات الجاهزة لصورة الجمل في الخيال الشعبي. كما لا تخلو منحوتاتها من نبرة عاطفية، وإحالات صريحة على الميثولوجيا البدوية. من جهته، يتابع وليد الآغا تجربته الطويلة في تطوير اللوحة الحروفية من موقع الموروث المحلي وارتباطه بحداثة منفتحة على الآخر. في العمل التركيبي الضخم الذي يتصدر فضاء الصالة، يسعى هذا التشكيلي إلى تلخيص عناصر اللوحة إلى رموز وإشارات بيئية، تضع في اعتبارها قوة الحرف في تأصيل لوحة شرقية تمتد بجذورها إلى الأبجديات الأولى في المنطقة. تراوح اللوحة هنا بين التجريد المطلق والاتكاء على عناصر محلية باستثمار قدرة الحرف العربي على التأويل، ومحاولة استخدامه في الأدوات الاستعمالية. عند هذه النقطة ربما، تتقاطع التجارب الثلاث في المعرض: أن نضع الفنون المعاصرة في صلب الحياة اليومية، ونختزل المسافة بين الفنون الفطرية والرؤية النخبوية للوحة.

حتى 7 كانون الأول (ديسمبر)، «غاليري قزح»، دمشق القديمة ــ للاستعلام: 009639444441644