الشيعة، و«العونيون»، والفلسطينيون والسوريّون... تلك هي الفئة «المفضّلة» لتلفزيون المرّ الذي عاد إلى البثّ عام 2009 بشعار «صوت حرّ في خدمة الحرية»
ليال حداد
لا يكاد يمرّ يوم واحد من دون أن تفاجئ mtv اللبنانيين بتحقيق أو برنامج يعيدهم إلى خطاب طائفي وعنصري خلناه انقرض منذ نهاية الثمانينيات. المحطة التي عادت إلى البثّ عام 2009 تحت شعار «صوت حرّ في خدمة الحرية»، لم تتردّد منذ يومها الأول على الهواء في التعبير عن انتمائها السياسي. إلا أن التجييش الطائفي الذي لجأت إليه في الآونة الأخيرة، رسم علامات استفهام حول أدائها.
«فضيحة بيع أرض في الجديدة» تحت هذا العنوان، اختارت المحطة تسليط الضوء في نشرتها الإخبارية (السبت 23/10) على بيع أحد المسيحيين (العونيين) أراضيه في منطقة الجديدة (المتن الشمالي) لأحد المتموّلين... الشيعة! لكن التقرير لم يكتف بذلك، بل أضاء على أنّ البائع مقتدر مالياً «وبالتالي لا يحتاج لبيع أرضه»! وليكتمل التقرير، أطلعتنا المحطة على «الخطة السرية» التي يعدّها «حزب الله» وهي «ربط مناطقه عبر شراء أراضي المسيحيين»، وطبعاً أرفقت الخلاصة بخريطة أوضحت نوايا الحزب «التخريبية».
حمّى التحريض لا تقتصر على الأخبار بل تتعداها إلى البرامج الترفيهية
كان يمكن أن يمرّ الخبر لولا إصرار المحطة على تناول الموضوع خارج نشرتها المسائية. أعادنا سيرج زرقا السبت الماضي في برنامجه «7»، إلى القضية عبر تقرير مطوّل عن بيع أراضي المسيحيين. هذه المرة، تخطّى التقرير منطقة الجديدة، ليصل إلى جزين وباقي مناطق الجنوب، إلى جانب منطقتَي الحدث وكفرشيما (المتن الجنوبي) المتاخمتَين للضاحية الجنوبية. ولإضفاء طابع «علمي» على التقرير، اختارت معدّته منى سكّر إجراء مقابلة مع عضو «رابطة المارونية» المختص بشوؤن تملّك الأجانب (!) شارل مارون، ليخلص الريبورتاج إلى «ضرورة تضافر جهود الدولة والكنيسة والمغتربين المسيحيين لمنع تفاقم هذه الظاهرة التي تهدّد مستقبل لبنان الرسالة والتنوّع». مع انتهاء التقرير، أطلّت علينا سكّر من استديو برنامج «7» لتشتكي من انخفاض نسبة الولادات لدى المسيحيين مقابل ارتفاعها لدى المسلمين الذين «يحقّ لهم بأربع نساء» كما قالت، مذكرّة بأنّ الشيعة يسيطرون على الضاحية الجنوبية، بعدما كان 85% من سكانها من المسيحيين.
وبموازاة هذا الخطاب الطائفي، تلجأ mtv إلى خطاب عنصري مشابه يطاول الفلسطينيين والسوريين. هكذا تابعنا في نشرة السبت الماضي خبر حادث سير وقع على جسر جل الديب (المتن الشمالي) وكاد يتسبّب بمأساة. لكنّ المحطة تفادت الإشارة إلى غياب الصيانة عن هذه الطريق تحديداً، بل اختارت الكاميرا التركيز على لوحة الشاحنة التي تبيّن أنها... سورية.
هذه السياسة، يحاول «تلفزيون المرّ» تعميمها على برامجه السياسية والترفيهية على حدّ سواء. وهو ما ينطبق على البرامج الكوميدية التي تحوّلت إلى بروباغندا لـ«القوات اللبنانية»، و«الكتائب»، وخصوصاً «كتير سلبي» الذي بات اختصاصه الوحيد شتم «التيار الوطني الحرّ».
وإن كان برنامج «حديث البلد» قد جذب المشاهدين من مختلف الاتجاهات، فإن الحلقة الأخيرة غيّرت رأي كثيرين. إذ استقبلت منى أبو حمزة القيادي في «القوات» إدي أبي اللمع. وبدل تعريفنا إلى «الوجه الآخر» لهذا السياسي، كما هي العادة، أتحفنا أبي اللمع بخطاب مطوّل عن ملكية «القوات» لـ Lbc خارجاً عن الطابع الترفيهي للبرنامج.
وتبقى الإشارة إلى حلقة برنامج «بموضوعية» (25/10) التي استقبل فيها وليد عبود، نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» جورج عدوان. واستهلّ عبود الحلقة بسؤال ضيفه: «يستغرب كثيرون إصراركم على استعادة lbc رغم أنكم تملكون حصة كبيرة في mtv»! قد يكون هذا التعليق كافياً لتفسير كل ما سبق.